حتى لا يجرفنا الموج

نشر في 11-03-2011
آخر تحديث 11-03-2011 | 00:00
 علي البداح لا أحد يختلف على أن ثورات مصر وتونس وليبيا واليمن كان لابد منها للقضاء على كم الفساد الذي انتشر واستشرى في هذه الدول، ولا يمكن أن تستمر حالة اللعب والاستهتار التي قامت بها حكومات وقوى الفساد فيها، وقد صبرت شعوب تلك البلاد طويلاً حتى لم تعد تستطيع الصبر، فانفجرت وواجهت حكوماتها في معارك لا رجعة فيها، فتحقق النجاح في تونس ومصر والبقية على الطريق.

هذه الثورات بالإضافة إلى ما يجري في البحرين يعطي فرصة لبقية الدول العربية أن تقوم بإصلاح ذاتها قبل فوات الأوان، وأنا شخصيا لا أريد أن تشتعل ثورة في الكويت، ولا أريد أن أرى مواجهة بين الشعب وقوات الشرطة أو الجيش، لا لأن حكومتنا بنت قوة ردع هائلة تباهت بها، للأسف، في العرض العسكري للاحتفال بمناسبات استقلال البلاد وتحريرها ورأى العالم ما نوع القوة التي أعدتها لمواجهة شعبها في مناسبات من أهم المناسبات التي أثبت الشعب بها ولاءه لنظامه، إنما لأن العنف إن بدأ فإنه ينتهي دائما بخسائر كبيرة لا أحد يريدها، وكلّما أمعن الحاكم في استخدام العنف تحول الشعب المسالم إلى شعب مقاتل شرس كما نشاهد في ثورة ليبيا.

نعم لا أريد أن تكون هناك مواجهة من أي نوع، لأننا عندنا في الكويت دستور ونظام يمكن أن نحتكم إليهما، ويكفي أن نتمسك بهما لنزيل أسباب الخلاف كافة والقضاء على أنواع الفساد كلها، ولا أتمنى أن تكون مواجهة أيضاً خوفاً من قوى ظلامية سكنت أحضان الحكومة وقتاً وقيّدت الحريات تنتظر الآن الفرصة للوثوب إلى الحكم والتحكم برقابنا.

لو أخلصنا لهذا الوطن وتعاملنا معه بولاء وإخلاص وتوقفت الحكومة والنواب والجماعات السياسية عن الاستخفاف بعقولنا، فإن مشاكل الكويت كافة يمكن أن تحل دون مظاهرات أو اعتصامات أو ثورة عارمة.

يكفي أن يخلص الحكم للحكم بنزع فتيل الفرقة داخل العائلة وتداول السلطة بين أطرافها، وأن يخلص للشعب بالالتزام بالدستور لمصلحة الحق والعدل، وأن يلتزم بقوانين البلاد وتطبيقها على الكبير والصغير دون تمييز أو تحيز.

يكفي أن يتوقف اللعب بأموال الوطن، وأن يتوقف المبتزون الذين، بدلاً من القضاء على الفساد، يريدون أن يكونوا جزءاً منه بالاشتراك بالسرقة أو القبض للتغاضي عنها.

يكفي أن يمسك الحكم يد أبنائه عن التلاعب بالسياسة وكسب الأعوان بشراء الذمم والابتزاز والضغط وتقديم المنح والمزايا لمن يطأطئ الرأس أو يزوّر الحقائق لتزيينهم أمام الناس.

يكفي أن يعلن الحكم أنه لا مزج بين الحكم والتجارة، وأن يعلن نواب الأمة أنه لا مزج بين التجارة والنيابة، فما أنهى جمهورية حسني مبارك هو تولي أصحاب الأعمال وزارات الدولة ومجلسي الشعب والشورى وبالتالي أمعنوا في نهب الدولة.

يكفي أن نعامل الناس دون تمييز، وأن نحترم الكفاءة والإخلاص، وأن نُعدل في معاملة كل إنسان يعمل على هذه الأرض فلا ظلم ولا قهر لأحد، وتحريم التعصب الطائفي والقبلي والعائلي.

يكفي أن يفكر الحاكم بمستقبل البلاد ويبنيها بالعلم بما يوفر حياة كريمة للوطن بعد أن ينتهي النفط، فهدر الموارد لإرضاء الناس على حساب المستقبل يجعلنا نخاف على أبنائنا وأحفادنا.

إن القائمة طويلة لمن يريد أن يعمل شيئاً من أجل هذا البلد وأن يقيه شر القلاقل والمآسي والاضطرابات، وأتمنى أن نستفيد مما يحدث أمامنا وألا يخرج علينا من يقول ليتحركوا وسنريهم كيف نؤدبهم، أو أننا نعرف كيف نسكتهم، وأخشى من هؤلاء الذين لم يقرؤوا التاريخ واعتقدوا- كما اعتقد مثلهم- أنهم قادرون على تحدي الناس والقضاء عليهم أو أنهم قادرون على شراء كل الناس.

شباب تونس ومصر وصلوا إلى معادلة بسيطة: الحكم يستطيع أن يقضي على مظاهرة فيها ألف متظاهر لكنه لا يستطيع أن يصمد لحظة واحدة أمام مظاهرة فيها كل الناس.

وأسوأ ما يمكن أن يقوم به الحكم هذه الأيام أن ينفذ طلبات فئوية أو أن يسعى إلى إرضاء أصحاب الصوت العالي بدلاً من إجراء تغيير شامل لسياساته وأساليبه من أجل دفع البلاد نحو التقدم وتحقيق روح دستور البلاد ونصوصه.

أعتقد أن لدينا دستوراً ينتظر احترامه بجد، وتفعيله بجد، وتنفيذه بجد، والكف عن التلاعب به... فهو ضمان لنا جميعاً.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top