التزام الادب وكارثة باكستان

نشر في 24-08-2010
آخر تحديث 24-08-2010 | 00:00
 طالب الرفاعي العالم يتغيّر في كل لحظة، لكن المبادئ الإنسانية السامية تبقى ثابتة على مرِّ العصور. ولقد كان مصطلح «الأدب الملتزم» حاضراً بشدة على ساحة الآداب والفنون العربية في العقود الماضية، يوم كانت شعارات التنظيمات والأحزاب السياسية، واليسارية منها تحديداً، حاضرة وفاعلة على طول وعرض العالم العربي. ويوم كانت تلك الشعارات والأفكار تجد لها متنفساً في الكتابات الأدبية والأعمال الفنية. لكن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991، بتسلم بوريس يلتسن مقاليد الحكم، انهارت دول وأحزاب وتجمعات كثيرة، وانفرطت منظومة كبيرة من الأفكار والمعتقدات والمصطلحات، ومعها انجرف مصطلح الأدب الملتزم، وكاد يختفي، لكنني أرى في الأدب التزاماً إنسانياً باقياً، وخير دليل على ذلك نجده في الأعمال الأدبية والفنية الخالدة، التي اتخذت من حياة الإنسان ومصيره مادة لها.

إن المأساة البشرية المخيفة التي تجري في باكستان، من جراء الفيضانات، تستوجب صرخة ضمير كبيرة من أدباء وفناني العالم، للمساعدة في إنقاذ عشرين مليون إنسان، بات مصيرهم معلقاً على حبال المجهول الواهية. فلقد غرقت قرابة (15 في المئة) من مساحة باكستان، وتشرد ما يربو على العشرين مليون إنسان هائمين في العراء، هرباً من الموت.

تتخذ الأعمال الأدبية من مصير الإنسان رمزاً لمصائر البشرية، ولهذا تلاقي قبولاً وانتشاراً بوصفها تمس كل من يقرأها أو يشاهدها أينما كان، لكن مصائر ملايين البشر هي اليوم معلقة بمساعدة قد تكون صغيرة، ومعلقة بمبادرة تعيد شيئاً من الأمل إلى قلوب تلك الملايين، التي طحنتها فيضانات غاشمة لا تميّز بين إنسان وآخر.

إن مرور نجم سينمائي أو تلفزيوني أو إعلامي أو أديب معروف في شارع أو مجمع تجاري، قادر على لمّ وتجمهر العشرات بل المئات من المعجبين بذلك النجم، لذا فإن انطلاق حملة تضامن أدبية فنية صحافية إعلامية، يتبناها فنانون وأدباء وإعلاميون ربما تكون كفيلة بتوفير ملايين الدولارات، والتي بدورها ستساعد على إنقاذ مصائر بشر يفترشون العراء، ويعيشون دونما أمل ببلوغ اللحظة القادمة.

إن تخصيص جزء بسيط من إيراد أحد أفلام هوليوود أو مسرحية عالمية أو حفل موسيقي، إنما يشكل التفاتة ضرورة من الفنان إلى الإنسان، التفاتة تعيد المعنى لالتزام الفنان بالقضايا الإنسانية، وتعيد المعنى لتفهم الفنان الإنسان لمحنة أخيه الإنسان.

إن العالم بأسره ينظر إلى دول الخليج بوصفها دول وفرة مالية، وربما كانت كارثة طبيعية مدمرة بحجم الفيضانات التي جرفت الأخضر واليابس في باكستان، وشردت الملايين من البشر، تستوجب وقفة إنسانية من فناني وأدباء الخليج، بالتعاون مع المؤسسات المعنية، سواء كانت رسمية أو أهلية، وبما يجعل الفنان الخليجي متفاعلاً مع الحدث العالمي، ويقدمه إلى العالم بوصفه نصيراً للإنسان وملتزماً بقضاياه.

اقتراح ورغبة صادقة في تبني فكرة إنسانية، قد تكون بداية طريق التزام حقيقي تجاه قضايا الإنسان أينما كان، خاصة في ظرف مخيف يأتي على حياته. 

back to top