اعتصموا أمام أنفسكم!
مع إيماني التام بفشل الحكومات الست الماضية والحالية وعدم تقديمها الحد الأدنى الذي يرضي طموحات المواطنين، ومع تفهمي الكامل لمطالب معتصمي 8 مارس في الإصلاح ورحيل رئيس الوزراء، إلا أن الاعتصام الذي قاده مجموعة من النواب برأيي ليس الوسيلة المناسبة للقيام بذلك، فممثلو هؤلاء المعتصمين في مجلس الأمة هم من كان ينبغي عليهم التكفل بهذا الأمر عبر طرح الثقة به خلال الاستجوابات السابقة، وما داموا لم يقوموا بذلك فالاعتصام ينبغي أن يكون أمام منازلهم والاحتجاجات توجه إليهم لا ضد ناصر المحمد، فالرجل نال ثقة المجلس بأصوات الأغلبية وعبر القنوات الدستورية، وهو أمر وإن لم يعجبنا، لكن علينا قبوله إن كنا نؤمن حقا بالديمقراطية قولا وعملا لا صراخا وجدلا!من حق أي فرد من الأمة أن يعبر عن رأيه وأن ينتقد أداء رئيس مجلس الوزراء دون شخصانية أو تجريح، وأن يخرج في اعتصام أو مظاهرة سلمية رافعا شعار الإصلاح ومطالبا بتغييره، لكن عليه أن يعي جيدا صلاحياته وحدوده كفرد من أفراد المجتمع والأداة أو الوسيلة التي كفلها له الدستور لإحداث هذا التغيير، فالخروج إلى الشارع في مظاهرة لن يغير من الأمر شيئا مادام الرئيس يحظى بأغلبية نيابية في مجلس اختار الشعب أعضاءه حين استرشد بقبليته وطائفيته وفئويته، وكان حاضر الوطن ومستقبله آخر ما خطر في أذهان معظم الناخبين وهم يضعون أوراقهم في صناديق الاقتراع!
نعم، في المشهد العربي الحالي، أدت الاعتصامات والمظاهرات إلى إسقاط حكومات وأنظمة بأكملها كما حدث في مصر وتونس، ولكن، علينا إدراك الفارق الكبير بيننا وبينهم، فنحن بحمد الله لدينا برلمان حقيقي لا برلمان مزيف أتى عبر تزوير الانتخابات كما حدث هناك، صحيح أن نجاح بعض النواب أثار علامات استفهام وشكوكا كثيرة لكن لا أحد زعم أن لديه الدليل على أن هناك تزويرا قد تم، والأمر لا يعدو أن يكون رجما بالغيب أو سوء ظن، ولذلك، فالنسختان التونسية والمصرية لا تصلحان هنا، وغير مبرر استنساخهما لأن لدينا ممثلين شرعيين في البرلمان، وهم من يقع عليهم اللوم في بقاء هذه الحكومة ورئيسها حتى اليوم، وهم من يجب محاسبتهم، وقبل ذلك محاسبة أنفسكم، وأن يعتصم كل منكم أمام نفسه، فأصواتكم هي من أوصلت النواب «الانبطاحيين» إلى هذا المجلس «البطيخي» المشؤوم! على ذكر البطيخ، كان على الذين قدموا البطيخ للنواب أن يقدموا مثله للناخبين، فهم أجدر من النواب به!*** من عجائب شعبنا وغرائبه أن يلعن النواب الموالين للحكومة وينعتهم بأبشع النعوت والأوصاف في المجالس الخاصة، لكن ما إن يهلون عليهم في مناسبة ما حتى يهب الجميع لتقبيل أنوفهم ورؤوسهم و»حيا الله أبو فلان... ويا هلا ويا مرحبا»، وتشتغل ابتسامات التزلف وكلمات النفاق والرياء التي لا تنتهي! إن كان هذا ما تقومون به كلما التقيتم بهم، فكيف تريدون منهم أن يفهموا خطأً ما قاموا به في حقكم وحق وطنكم؟! تجاهلوهم عند اللقاء بهم، وأشعروهم بأنهم قد سقطوا من أعينكم بمواقفهم المتخاذلة والمتلونة، سجلوا موقفا تجاههم ليعلموا أنهم ما عادوا مرغوبين في مجالسكم، أما إن بقيتم على هذه الحال، فالأرجح أنكم ستعيدون التصويت لهم في الانتخابات القادمة، وتطالبون بعدها برحيل الرئيس كالعادة! ***يبدو أن الرصيف الشهير الذي تسبب بإصابة النواب والحضور في ندوة الحربش قد قدم استقالته مع وزير الداخلية السابق لأنه لم يشاهد في اعتصام 8 مارس، حمدا لله على سلامة الجميع، وبمناسبة الحديث عن وزير الداخلية، فالوزير الجديد الشيخ أحمد الحمود يبدو أنه داخل «حامي» فأول حديثه للنواب: «اقعد... اسكت» الله يستر من التالي، ومنا إلى من طرح اسمه كبديل للشيخ ناصر... أقول: احمدوا ربكم على العافية! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة