هدوء نسبي

نشر في 17-11-2010
آخر تحديث 17-11-2010 | 00:01
 أحمد عيسى يبدو أن النواب استوعبوا أنهم محل انتقاد بعدما أدمنوا ممارسة عملهم عبر وسائل الإعلام لا لجان المجلس وقاعة عبدالله السالم، فكان واضحا اختيارهم إرجاء ضجيجهم إلى الأحد المقبل حينما تعاود الصحف الصدور، وتبدأ الهواتف النقالة بتلقي الرسائل الإخبارية، ويعود الموظفون للجلوس خلف مكاتبهم.

عاشت الكويت هدوءاً سياسياً نسبياً فرضته عطلة عيد الأضحى المبارك، إذ قررت تسع صحف يومية من أصل 13 الاحتجاب بهذه المناسبة، بينها من يعطل اعتباراً من غد كـ»الجريدة»، أو من بدء عطلته منذ الجمعة الماضية مثل «عالم اليوم».

ومثلما فرضت العطلة على الصحف اليومية مبدأ التعطيل الاختياري، لف الصمت خدمات الرسائل الإخبارية عبر الهواتف النقالة، وأيضا المواقع الإخبارية والمنتديات الإلكترونية، إنه هدوء يدفعنا مرغمين للتأمل بجمال الحياة والاستمتاع بحالة الطقس.

كل قضى عطلة العيد على طريقته، فخلال الإجازة الممتدة عشرة أيام، أبعد نادل ما مقعداً من فوق رأس طاولة بمطعم منزوٍ على شاطئ البحر مفسحاً المجال أمام عجوز كسرت عزلتها بالخروج بكرسيها المتحرك مع أحفادها لتداعب أشعة الشمس بشرتها التي غطتها متاعب الحياة وتقدم العمر، مفضلة أن تستنشق هواء نظيفا دون اكتراث لأزمة جيوب غاز الميثان بالأحمدي، وفي مكان آخر داخل أحد الشاليهات اجتمعت عائلة ممتدة في الصالة ليتبادل أجيالها أخبار دنياهم وهموم مدارس أبنائهم غير مبالين بنتائج تحقيق مؤسسة الخطوط الكويتية مع طاقم طائرة دكا التي هبطت اضطراريا الأسبوع الماضي.

«الكويت حصلت على ميدالية فضية بالبولينغ في بطولة آسيا... عيدكم مبارك». جملة تلقتها طالبة جامعية على هاتفها النقال، فردت على مرسلتها «عساكم من عواده... الخير بقبال وقلبنا مع المنتخب عساهم ما يروحون اليمن لأن الوضع صج يخرع... الله يستر»، الحديث الرياضي النسائي السابق كما بدا أسقط من اعتباره مدى شرعية رئاسة الشيخ طلال الفهد لاتحاد كرة القدم أو سبب مشاركة الكويت تحت العلم الأولمبي، فعبرة الأمور لدى العامة دائما ما تكون بخواتيمها دون تفصيل بالأسباب.

وخلال تبادلهم التهاني بحلول عيد الأضحى صباح أمس كان السؤال الأول بين رواد الديوانية وزوارهم: ما أفضل مواقع للتخييم بالبر هذا العام؟ كما لم يخلُ الحديث من قفشات وذكريات الطفولة وقصص المراهقة بعيدا عن الحكومة وأولوياتها والمجلس ونوابه، رغم أن الديوانية ذاتها بنفس الرواد شهدت قبل فترة سجالاً طويلاً بين أكثر من طرف حول زيادات العسكريين والكوادر المالية.

عطلة العيد فرضت نفسها بقوة على الجميع، فساد الصمت وخلا المشهد من تصعيد مفتعل، رغم فضائح المشاركة تحت العمل الأولمبي وأطنان اللحوم الفاسدة وعدم صيانة طائرات أسطول الكويتية وانتشار الغاز بين بيوت سكنية، لكن كلها لم تجد لدى النواب أي اهتمام، بداعي العطلة طبعا وتعطيل الصحف وانشغال الناخبين بين سفر وبر وشاليهات، فآثروا ألا يزعجوهم تاركين الناس يتعاطون بسجيتهم مع الأخبار ويتفاعلون معها بتجرد ودون عويل.

يبدو أن النواب استوعبوا أنهم محل انتقاد بعدما أدمنوا ممارسة عملهم عبر وسائل الإعلام لا لجان المجلس وقاعة عبدالله السالم، فكان واضحا اختيارهم إرجاء ضجيجهم إلى الأحد المقبل حينما تعاود الصحف الصدور، وتبدأ الهواتف النقالة بتلقي الرسائل الإخبارية، ويعود الموظفون للجلوس خلف مكاتبهم، وتدور مجددا وتيرة الروتين، لكن حتى انقضاء المتبقي من هذه الأيام، لن يكون أمامنا سوى الاستمتاع بالحياة وعيش حالة الهدوء النسبي.

على الهامش:

كل عام وأنتم بخير، وجعل الله أيامكم عطلاً طويلة في شهر نوفمبر.

back to top