محاكمة حسني مبارك

نشر في 08-04-2011
آخر تحديث 08-04-2011 | 00:00
 د. محمد لطفـي لماذا تجب محاكمة حسني مبارك الآن؟ لأن المحاكمة هي القصاص والقانون العادل الذي يلتزم به الجميع، ولأنها عامل أساسي ومؤثر في القضاء على أذناب النظام وعناصر الثورة المضادة، وتبرئة للمجلس العسكري الحاكم من تهمة التواطؤ والاتفاق السري مع الرئيس السابق، والقضاء على الشائعات التي تؤكد أن عدم المحاكمة هو نتيجة لتدخل أنظمة عربية. عندما بدأت الثورة المصرية في 25 يناير كان المطلب الأول لها «تغيير... حرية... عدالة اجتماعية»، وبعد أن ألقى الرئيس السابق خطابه الأول ليلة الجمعة 28/1 وتبين أنه كان مغيبا تماما، وبعيدا عن آمال الشعب ورغبات المواطنين تحول مطلب الثورة في جمعة الغضب إلى ضرورة الرحيل، وبالطبع لم يكن القصد الرحيل المكاني كما حاول البعض الإيحاء لاتهام شباب الثورة والمصريين بإهانتهم للرئيس، ولكن كان المعنى– كما يفهمه كل ذي عقل- الرحيل عن المنصب مع البقاء في مصر بهدف محاكمته، ومن ثم إدانته أو تبرئته حسب وقائع المحاكمة، ولكن للأسف وبعد شهرين من رحيل الرئيس مازال المجلس العسكري الحاكم ممتنعا– دون سبب واضح- عن تقديمه إلى المحاكمة!!

ومحاولة لتوضيح الأمر للمجلس العسكري نجيب عن السؤال: لماذا تجب محاكمة الرئيس السابق الآن؟

أولا: إن المحاكمة هي القصاص والقانون العادل الذي يلتزم به الجميع، ويجب أن يطبق، فهناك الكثير من الجرائم التي ارتكبت طوال فترة حكم الرئيس (إلى 10/2/2011) وتجب محاسبته عليها، ولن نصدر أحكاما مسبقة بإدانة الرئيس السابق، وله كل الحق في تقديم ما يشاء من دفاع أمام قاضيه الطبيعي، والتأخير في المحاكمة نوع من الظلم يصيب أول من يصيب الشخص المتهم ذاته، «يجنح بي الخيال إلى تصديق أن الرئيس السابق هو من سيتقدم بطلب سرعة محاكمته».

ثانيا: المحاكمة الآن عامل أساسي ومؤثر في القضاء على أذناب النظام وعناصر الثورة المضادة الذين يحلمون بوأد الثورة والانقضاض عليها، وفي بداية المحاكمة الآن نهاية لأحلامهم والقضاء على كل محاولاتهم.

ثالثا: تبرئة المجلس العسكري الحاكم من تهمة التواطؤ والاتفاق السري مع الرئيس السابق بألا تتم محاكمته، فبدهي ألا يملك المجلس العسكري ذلك، فما ارتكب من جرائم وفساد أكبر من أن يتم التغاضي عنه تحت أي مسمى من المسميات، والشعب وحده هو صاحب القرار في ذلك.

رابعا: القضاء على الشائعات التي تؤكد أن عدم المحاكمة هو نتيجة لتدخل أنظمة عربية ترفضها، وأن محاكمته ستدفع هذه الأنظمة إلى اتخاذ إجراءات ضد مصلحة الشعب!! وهي إشاعات مغرضة تهدف إلى بث الفتنة والشك بين المصريين، وهذه الأنظمة العربية لأنها تعلم جيدا أن كرامة الشعب المصري وثورته فوق كل اعتبار، وأن الشعب الذي ثار في وجه نظام ظالم فاسد لا يقبل أبدا من أي كائن كان أن يتدخل في شؤونه، ويتخذ قراراته نيابة عنه، كما أن مصلحة هذه الأنظمة هي بالتأكيد مع الشعب المصري وليست مع الرئيس السابق.

لهذه الأسباب يا مجلسنا الحاكم نطالب بسرعة محاكمة حسني مبارك... الآن... الآن.

***

يسعد الكاتب إذا صدق توقعه وثبت صدق تحليله... ولكن قد يكون ألمه وحزنه أكبر من سعادته إذا كان ما حدث- رغم توقعه له- لا يتمنى حدوثه.

بعد 10 أيام من تولي المجلس العسكري الحكم كتبت مقالا «القوات المسلحة بين التواطؤ والتباطؤ»، ورغم أنه لم ينشر إلا على الإنترنت فإنه أغضب الكثيرين، فقد كان الجميع ينشد أملا ويتمنى خيراً، ويرفض اتهام القوات المسلحة صاحبة الموقف المشرف تجاه الثوار بذلك.

ويوما بعد يوم، وأسبوعا بعد آخر بدأ البعض يميل إلى الاتجاه الآخر إلى أن أصبح الكثيرون الآن يتخوفون من صدق ما توقعته، ويتحدثون عن شيء ما تم التوافق عليه ولا يعلمه الشعب، فمازلت– رغم صعوبة تصديق ذلك- أتمنى ألا يكون هناك ما يخفيه المجلس العسكري الحاكم.

***

لا للانتقام والشماتة والتشفي، نعم لبناء مصر الجديدة، مصر العدالة والحرية، مصر الواجب والمسؤولية، مصر الأمان والديمقراطية!

back to top