لبنان وكسر العظم الدستوري

نشر في 25-01-2011
آخر تحديث 25-01-2011 | 00:00
 د. ندى سليمان المطوع نتساءل دوما عن مدى حاجتنا لوجود هيئة للتنبؤ بالتغييرات الداخلية والخارجية في دولنا العربية... أقول ذلك بعد متابعتي الأحداث السريعة التي تعرضت لها البيئة المحلية لعالمنا العربي، ففي العام الماضي وبعد اتفاق الكتل الإقليمية وللمرة الأولى على الدول المرشحة للعضوية غير الدائمة، ووصول لبنان ضمن الدول العشر المنتخبة لفترة سنتين في مجلس الأمن بعد الدعم العربي اللامحدود, والتي قد لا تملك من الصلاحيات والقوى التصويتية الكثير إنما تستطيع أن تشكل تكتلا للتأثير في الأصوات الأخرى انتابنا شعور, كباحثين في مجال المنظمات الدولية، بالسعادة بفوز دولة عربية بمقعد غير دائم، واعتبرناه انتصارا كبيرا لبلد عربي يراه الكثيرون مركزا فعليا لتعايش الحضارات بسلام.

فمن المعروف أن مجلس الأمن هو «البوصلة» التي تعطي القراءة الواقعية في ما يخص العلاقات بين الدول والأقطاب في شتى القضايا، كمواقف الدول الدائمة العضوية من القضايا الدولية المعروفة, إلى جانب قراءة العلاقات الأميركية بالعالم من خلال مؤشراتها في تحديد أولوياتها... وانعكاسات تلك الأولويات على مواقف الدول المختلفة. ولكن تعثرت تلك القراءات ودخلت الدولة التي وجدت لها مقعداً يطلع قضاياها على العالم, مرحلة بالغة الخطورة، أي مرحلة «كسر عظم دستوري» كما أطلق عليها الإعلام اللبناني للإشارة إلى التغيرات الطارئة في البيئة المحلية اللبنانية.

ففي الوقت الذي تعد قوى 14 آذار العدة لمواجهة البيئة السياسية الجديدة، فإذا بقوى 8 آذار تسعى إلى التخلي عن كل جسورها مع الرئيس الحريري، فدخل الفريقان منعطفا تاريخيا مسببين موجة غير مسبوقة من القلق؛ الأمر الذي دفع رئيس جمعية مصارف لبنان بطمأنة الشارع اللبناني والعربي «اقتصاديا».

ولو تابعنا المتغيرات السياسية والاقتصادية التي فرضت نفسها على البيئة الداخلية في الدول العربية أخيرا لوجدنا تراجع تأثير الدول الفاعلة في القضايا العربية على المسار التفاوضي والدبلوماسي في منطقتنا، فبيان تركيا وقطر الذي أعلن من قبل الشيخ حمد بن جاسم وأوغلو قد انتهى بانتهاء المساعي بين الأطراف, والتي جاءت بناء على اجتماعات سورية تركية قطرية, واتفق من خلالها على إرسال الوفود إلى بيروت لمواصلة الجهود مع الأطراف اللبنانية على أساس مد جسر للورقة السعودية السورية، ولكن بسبب بعض العوامل المعطلة للحوار قررت الأطراف الفاعلة في المنطقة كالمملكة العربية السعودية وسورية التوقف, وتحويل مسار الملف اللبناني إلى الاتجاه المحلي البحت.

واليوم نتساءل عن السبل المتاحة لتحديث المسار التفاوضي والدبلوماسي واسترجاع الدور العربي سواء كان مصرياً أو سعودياً لإدارة التفاوضات اللبنانية، وضمان استراتيجية إقليمية فاعلة تحمي الدول العربية من الهزات المجتمعية التي قد تتعرض لها.

وهنا نشعر بغياب الرسالة الإعلامية, فكيف تناول الإعلام العربي قضية الشاب الموريتاني الذي «انتحر» حارقا نفسه قرب القصر الرئاسي بنواكشوط, وكيف سيساهم الإعلام العربي في تأهيل الرسالة الإعلامية للحكومات لرسم استراتيجيات لامتصاص ما قد يكون غضبا شعبيا قادما, الأمر الذي حذرت منه المعارضة الموريتانية عبر مخاوفها من انتقال عدوى تونس إليها.

وفي سياق الأحداث علقت هيلاري كلينتون من خلال حديثها للمذيع البريطاني المعروف ديفيد فروست قبل عدة أيام عن التحديات التي تواجه المنطقة، والحاجة لإطلاق ما سمته بـ»التغييرات المؤسساتية» على حد تعبيرها... كلمات هيلاري أشارت بهدوء وحذر إلى ضرورة استماع الدول إلى «تغيير» و»حراك شعبي»، وذلك في ظل ازدياد عدد السكان وقلة الموارد أو سوء توزيعها... وفي الختام علينا كدول مانحة التطلع إلى النمو الاقتصادي القادم.

كلمة أخيرة: أتمنى أن نساهم بالمكرمة الأميرية في دعم مشروع «بيت عبدالله»، وجميع الجهود الأخرى الخاصة بالاهتمام بالأطفال المصابين بالأمراض المزمنة.

back to top