بعد أيام قليلة من تسلّمه عبر النيابة العامة التمييزية اللبنانية الأفلام التي عرضها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، خلال مؤتمره الصحافي الذي دعا فيه الى إدخال الفرضية الإسرائيلية على التحقيقات الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، أصدر المدعي العام لدى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان دانيال بيلمار بياناً من أبرز ما جاء فيه:

Ad

1- إن أقراص الفيديو الرقمية الستة التي تسلمها من حزب الله عبر النيابة العامة التمييزية تعتبر "جوابا منقوصا"، لأنها "لم تشمل بقية القرائن التي أشار إليها السيد نصرالله في مؤتمره الصحافي".

2- إن المعلومات التي جرى تسلمها "ستخضع لتقويم دقيق، ولا يمكن إتمام هذه العملية إلا بالاستناد إلى ملف كامل"، لذلك "فقد طلب مكتب المدعي العام من السلطات اللبنانية تزويده في أقرب وقت ممكن ما تبقى من المواد التي أشار إليها الأمين العام لحزب الله في مؤتمره الصحافي".

3- يمضي مكتب المدعي العام "قدماً في تحقيقه بمثابرة ووفقاً لأسمى معايير العدالة الدولية، وسيحدد المدعي العام موعد تقديم قرار الاتهام إلى قاضي الإجراءات التمهيدية للمصادقة عليه، كما سيحدد الأشخاص الصادر في حقهم هذا القرار، غير أنه لن يصدر أي قرار إلّا إذا اقتنع أنه يستند إلى أدلة قاطعة، وذلك في ضوء الظروف كافة".

وعلى الأثر شرع المتابعون عن قرب لملف التحقيقات في قراءة ما بين سطور البيان الصادر عن بيلمار، فسجلوا الملاحظات الآتية:

1- اعتبار المدعي العام المعلومات التي وصلته "منقوصة"، يفقدها تأثيرها العملي على مسار التحقيق، وبالتالي فهو ربط فتح مسار جديد بالمعلومات الإضافية التي طلبها من حزب الله عبر النيابة العامة التمييزية. ويرى المراقبون أن عدم تجاوب حزب الله مع طلب التحقيق الدولي سيعني واحداً من أمرين: إما أن الحزب لا يملك معلومات أكثر جدية وبالتالي، فإن ما قدمه سيسقط من التحقيق، أو أنه يملك معلومات جدية وهو لا يريد أن يقدمها، وبالتالي فهو غير متعاون، ممّا يحمله تبعات إدراجه في خانة عدم المتعاونين مع المحكمة، لكن بما أن الحزب يتهم إسرائيل فإن لا مصلحة له بعدم التعاون، ممّا يبقي الفرضية الأولى هي الأكثر ترجيحا بالنسبة الى بيلمار، أي افتقاد الحزب معلومات جدية من شأنها التأثير في مسار التحقيق.

2- إن عدم حصول المدعي العام على "ملف كامل" من حزب الله سيدفع بيلمار الى عدم إضاعة الوقت في فتح مسارات "غير جدية" تفتقد "أدلة قاطعة" بمفهوم المعايير الدولية للتحقيق، في ظل امتلاكه قرائن ودلائل أكثر متانة وصلابة من تلك التي قدمها نصرالله.

3- إن تأكيد بيلمار أنه ماضٍ في تحقيقاته في اتجاه إصدار القرار الاتهامي وتسمية المتهمين، وقوله إنه لن يصدر أي قرار إلا "إذا اقتنع أنه يستند الى أدلة قاطعة"، معناه أن المدعي العام الدولي يعتبر أن ما حصل عليه من حزب الله حتى الآن لا يصلح لأن يكون مادة اتهامية يتضمنها قراره المنتظر.

في المقابل، يلفت القريبون من حزب الله الى أن الحزب ليس هو المسؤول عن التحقيق الدولي ليزوده بمعلومات ذات طابع أمني وعسكري ربما استفادت منها إسرائيل في المواجهة مع حزب الله، لاسيما أن الحزب ضحى بمعلومات حساسة جداً في حربه المخابراتية والاستعلامية مع إسرائيل، من خلال كشفه عن قدرته على اعتراض الصور التي تلتقطها طائرات الاستطلاع الاسرائيلية.

ويؤكد القريبون من الحزب أن السيد حسن نصرالله أعطى التحقيق الدولي الجرعة المطلوبة التي تسمح له بفتح آفاق جديدة، أما أي معلومات إضافية فرهن بالجهة التي ستحصل عليها، بحيث إن واحدة من شروط تسليمها هذه المعلومات تقوم على ضمان عدم إيصالها الى إسرائيل، ولذلك، فإن الحزب يشدد على وجوب العودة الى تحقيق لبناني يضمن أن تبقى المعلومات التي يحصل عليها في عهدة اللبنانيين، وألّا تتسرب بالتالي الى إسرائيل لتستفيد منها في الكشف عن قدرات حزب الله العسكرية والاستخباراتية.