أثار الصديق مشاري المطوع موضوعاً منذ أيام في بلاد تغريدستان «هذا هو تعريبي الحلمنتيشي لخدمة تويتر»، فتذكرت أني كنت كتبت عن ذات الموضوع منذ عدة سنوات، ورحت أنبش في أضابيري الإلكترونية حتى وقعت عليه، وها هو ذا، بعد إخضاعه لبعض حقن التعديل والتجميل!

Ad

في كل «كريسماس» وقبيل رأس كل سنة ميلادية، يشاغبني سؤال: لماذا يحرص كثير من أصحاب المجمعات التجارية والمحال والمطاعم عندنا على تزيينها في هذه المناسبة، ولا يفعلون الشيء ذاته في الأعياد الإسلامية، عيدي الفطر والأضحى؟!

وقبل الاسترسال سأشير إلى أن هذا السؤال، هو سؤال فلسفي لا ديني، بمعنى أنه لن يدخلكم في مسألة هل يجوز أو لا يجوز شرعا تعليق زينة «الكريسماس» ورأس السنة الميلادية في بلاد المسلمين، فليس هذا مرادي هنا.

وسأكمل قائلا بأني لا أعتقد أن هؤلاء التجار الحريصين على تعليق زينة «الكريسماس» ورأس السنة يفعلون ذلك انطلاقا من فكر «مبرمج» يستهدف تغريب المجتمع، كما يقول البعض، لا على الإطلاق، فلا أظن أن هناك «مؤامرة» بهذا الشكل، ولكن كل ما هنالك هو أمران لم أجد لهما ثالثا: الأول: الرغبة في الربح أكثر، وهو سبب منطقي، فالتاجر يهدف إلى الربح، وسيفعل كل ما من شأنه أن يزيد ذلك، وإن كانت زينة «الكريسماس» سترفع من مبيعاته فسيفعل، (قلنا إننا سنترك النواحي الدينية جانبا)! ثانيا، عدم القدرة على الإبداع! وهنا ستقولون كيف؟ سأقول إن أغلب هؤلاء التجار، يقلدون المحال التجارية العالمية، وبما أنها تتزين لـ»الكريسماس»، فهم سيفعلون ذلك وبنفس الشكل والطريقة، ليس لأن وكالات بضاعاتهم مستوردة من هناك غالبا فحسب، بل لأن حتى خططهم وبرامجهم التسويقية مستوردة من هناك أيضا، أي أن الأمر ليس سوى تقليد ونسخ، وكفى الله التجار عناء الإبداع!

لعل بعضكم قد تاه قليلا! حسنا، اصبروا وتابعوا.

لماذا لا يضع التاجر الذي يستعد لهذه المناسبات في خطته كذلك أن يفعل الشيء نفسه خلال فترة شهر رمضان وعيد الفطر وخلال عيد الأضحى مثلا؟! أليست المسألة برمتها تسويقا تجاريا وسعيا وراء الكسب أكثر، وليس فيها أي تقديس لـ»الكريسماس» بحد ذاته؟ إذن فهل الناس ستشتري أكثر في المناسبة الغربية، «الكريسماس»، بسبب الزينة، ولن تفعل إن هي تزينت المحال والأسواق والمجمعات في المناسبات الإسلامية؟!

والآن، هل ترون المفارقة؟!

إذن سنصل في النهاية إلى أن «جماعتنا» وبكل بساطة يقلدون «الآخرين» ولا يريدون، أو لنقل ربما يعجزون عن أن «يخترعوا» شيئا مختلفا.

هذا التقليد الأعمى في التزين لـ»الكريسماس» وما شابه، وبعيدا عن جدلياته «الدينية»، قد حرم المجتمع والناس في الوقت ذاته من أن يجدوا البهجة نفسها في مناسباتهم «المرتبطة» بدينهم و«الأقرب» من تقاليدهم! وأعتقد أن هذا قد ساهم بشكل ما في إبعاد الناس والمجتمع من الارتباط بالأعياد والمناسبات الإسلامية، وجعلها باردة فاترة، في حين أنه ربطهم بدلا من ذلك بمناسبات «دخيلة» كـ»الكريسماس» و»الهالوين» وعيد الحب والعشاق، وما شابهها.