استجوابات الإقصاء

نشر في 30-03-2011
آخر تحديث 30-03-2011 | 00:00
 أحمد عيسى إن سبب الأزمة الفعلية التي تعيشها الكويت هي الحكومة، فهي من تحالفت مع النواب الحضر واستعدت القبليين، وجعلتهم يتواجهون دفاعا عنها وهجوما عليها، وغيرت استراتيجيتها من حاضنة لقوى الإسلام السياسي السني (السلف والإخوان المسلمين) إلى قوى الإسلام السياسي الشيعي (تجمع العدالة والسلام والتحالف الإسلامي الوطني ومستقلين) فألبست الصراع السياسي ثوبا طائفيا.

بدا واضحا أن صراع أبناء الأسرة دخل مرحلة جديدة بانتقاله إلى داخل مجلس الأمة، وتحديدا عبر تصفية كل قطب لخصومه دستوريا عن طريق استجوابات الإقصاء، فبعد تقديم النائبين عادل الصرعاوي ومرزوق الغانم استجوابهما لنائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد الفهد هدأت الساحة، إذ سحب الاستجواب بساط الاهتمام من الأزمة الطائفية موجها الأنظار إلى الوزير الشيخ ومستجوبيه وتكتيكاتهم للموقعة المرتقبة.

ومع هدوء جبهة معارضي رئيس مجلس الوزراء المحتوية نواب كتلتي العمل الشعبي والإصلاح والتنمية وبعض المستقلين، ثارت العاصفة من زاوية ميتة، حيث قرر نائبان مقربان من الحكومة لم يستجوبا وزيرا بحياتهما، فجأة في يوم واحد، أن يستجوبا وزيرين من ذرية الشيخ مبارك، الأول فيصل الدويسان للشيخ أحمد العبدالله والثاني صالح عاشور للشيخ محمد صباح السالم.

النائب فيصل الدويسان اتهم الوزير بالتقصير ضمن محاور استجوابه، وهو من نقل عن الوزير قبل سنة خلال استجواب النائب علي الدقباسي قوله «شرهتك على اللي يداوم بالوزارة»، وبعد سنة كاملة قدم استجوابا ومن بين محاوره إشارته إلى عدم وجود الوزير في الوزارة، ثم برر توقيته بانتظاره ردود الوزير على 73 سؤالا وجهها إليه قبل أكثر من سنة، واصفا وزير الإعلام بموجب صحيفة الاستجواب التي قدمها أمس بأنه «لا يحترم ممثلي الأمة ويستخدم أسلوب التجاهل والمماطلة والرهان على الوقت لإخماد جذوة الحق في معرفة الحقيقة»، ومضيفا على استجوابه محور سوء تعاطي جهاز الإعلام الرسمي مع العاصفة الترابية التي ضربت البلاد الجمعة الماضية.

أما النائب صالح عاشور فانتقد أول من أمس في مؤتمر صحافي أداء وزراء الإعلام والداخلية والخارجية خلال الأزمة الأخيرة، مطالبا برحيل الحكومة «لأن الوزراء فيها كل يسعى إلى حماية نفسه، وأنهم حصّنوا أنفسهم وتركوا كل الاستجوابات توجه إلى سمو رئيس مجلس الوزراء» بحسب وصفه، ومتناسيا أن تصريحه يوم 20 مارس الجاري كان شرارة الاحتقان الذي شهدته البلاد بعد تناوله الشأن البحريني وإشارته إلى أن «كوهين من يريد السيطرة على القرار الخليجي ويسعى إلى إلغاء الديمقراطيات فيها لكي لا يثور شعبه، كوهين هو من يدعي الإسلام ويشرب الأنخاب مع بوش». (موقع زوم الإلكتروني 20/3/2011)، لكنه مع كل هذا يأتي الآن ليوجه استجوابا إلى وزير الخارجية لأنه لم يعترض على تناول الإعلام البحريني لشخصه كونه ممثلا للأمة، لكنه مع ذلك يتنازل عن حقه بمقاضاة قناة «البحرين» الرسمية إكراما للشعب البحريني.

إن سبب الأزمة الفعلية التي تعيشها الكويت هي الحكومة، فهي من تحالفت مع النواب الحضر واستعدت القبليين، وجعلتهم يتواجهون دفاعا عنها وهجوما عليها، وغيرت استراتيجيتها من حاضنة لقوى الإسلام السياسي السني (السلف والإخوان المسلمين) إلى قوى الإسلام السياسي الشيعي (تجمع العدالة والسلام والتحالف الإسلامي الوطني ومستقلين) فألبست الصراع السياسي ثوبا طائفيا، وعليها اليوم أن تواجه وتدفع ثمن تحالفاتها السابقة والحالية، لا أن تتهرب من استحقاقاتها كعادتها بالاستقالة أو الدعوة إلى حل المجلس، فما يحدث اليوم هو نتيجة منطقية لسلسلة إخفاقاتها السابقة وافتقادها الرؤية وضياع هويتها كمكون رئيس للمعادلة السياسية.

إن ما يبدو كأزمة طائفية محلية هو في واقعه صراع سياسي بين أقطاب وفرق بعضها يريد الاستحواذ على القرار وأخرى تريد الحفاظ على مكاسبها، وبينهما من اُستبعد ويريد استعادة دوره ومن يبحث لنفسه عن دور وسط هذه الفوضى، فالحكومة في نهاية الأمر مستمرة بذات النهج المتحالف مع قوى الإسلام السياسي، لكنها غيرت رهانها من الفريق السني إلى الشيعي، متناسية أن الكويت دولة دستورية مدنية، وهو ما ندفع ثمنه يوميا أزمات واحتقانا يغذيه باحثو شهرة وأمراء طوائف وناقصون يبحثون عن نفوذ.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top