أسيل العوضي... المرأة نائباً

نشر في 26-12-2010
آخر تحديث 26-12-2010 | 00:00
 خلف الحربي بغض النظر عن تفاصيل الصراع السياسي في الكويت يبرز أداء النائبة أسيل العوضي كدليل جديد على ما تملكه المرأة الكويتية من قدرة على التصدي لقضايا الأمة بصورة قد تفوق قدرات الرجال، فالعمل السياسي المؤثر تصنعه الإرادة الصلبة والمواقف المبدئية سواء كانت هذه المواقف صادرة عن رجل أم امرأة.

لقد كان وصول أربع نساء إلى البرلمان الكويتي عبر الاقتراع الحر (دون كوته) بمنزلة اختبار صعب لقدرات المرأة الكويتية– والعربية بشكل عام– على خوض المعارك السياسية المعقدة، ومواجهة الرياح العاتية وسط بيئة ثقافية اعتادت على التشكيك في صلابة المرأة، وحاولت دائما محاصرتها في أطر هامشية تحت شعار أن هذه الأدوار تلائم طبيعتها الأنثوية!

وبكل صراحة فإن أسيل العوضي انتصرت لبنات جنسها، وانتصرت أيضا للتيار الليبرالي الذي كثيرا ما اتهمه خصومه بأنه تيار نخبوي يغرد بعيدا عن هموم الشارع، وما من شك أنها فعلت ذلك انطلاقا من احترامها لقناعتها، واعتمادا على روحها الوثابة دون أن تركز كثيرا على مسألة الانتصار لصورة المرأة أو صورة الليبراليين، ولكنها بوقفاتها مع ما تراه حقا دون الالتفات إلى من يقفون وراءه أثبتت أن الإنسان المبدئي قادر دائما على فرض احترامه على خصومه الذين يحاولون دائما سلب حقوقه وتهميش أدواره.

فعلى الرغم من أن السنوات التي قضتها أسيل العوضي في البرلمان الكويتي هي سنوات قصيرة في عمر العمل السياسي، فإن موقفها في كل أزمة سياسية، وفي كل لحظة مفصلية كان موقفا واضحا وبعيدا عن الأهواء، لأنها حررت نفسها من قيود التحزب الإيديولوجي وقيود الاستقطاب الفئوي، فأصبحت قادرة على تمييز ما تراه حقا مما تراه باطلا دون أن تتلاعب بها العواطف أو المصالح التي اتضح اليوم أنها يمكن أن تتلاعب بالرجال أكثر مما تتلاعب بالنساء.

وفي هذه الأجواء السياسية الصاخبة التي تعيشها الكويت، والتي لا تخلو من الشحن المدروس وتوزيع الاتهامات والإساءات الشخصية والردح الإعلامي يبدو من الصعب على امرأة هادئة وموضوعية أن تتحرك دون أن تقذف بها الأمواج العاتية ذات اليمين وذات اليسار، ولكن أسيل العوضي استطاعت أن تحافظ على مساحتها الهادئة وسط كل هذا الضجيج، ولم يمنعها كل ما يحدث من فرض أسلوبها الخاص في الحوار واتخاذ المواقف التي تراها صحيحة دون أن تجرها لعبة الاستقطاب إلى مكان لا تريد أن تكون فيه.

نسيت أن أقول إن ثمة صورة ثالثة ساهمت أسيل في إنقاذها غير صورة المرأة السياسية وصورة الليبراليين في الشارع... ألا وهي صورة نائب البرلمان الوقور الذي يتخذ أصعب المواقف دون حاجة لإثارة الضجيج حول كل موقف يتخذه.

* كاتب سعودي

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top