هناك مثل مصري شعبي يقول: "ما وجدوش في الورد عيب قالوا له يا حْمْر الخدين"، وهذا المثل ينطبق على الذين لم يجدوا عيباً في الانتخابات البرلمانية الأردنية الأخيرة، لا من حيث النزاهة ولا من حيث الشفافية، فقالوا: "إن البعد العشائري برز فيها بشكل كبير وواضح"، وكأن الأردن ليس دولة عربية مشرقية وإنما إحدى الدول الإسكندنافية.

Ad

لم يبادر الإخوان المسلمون، بعد أن أسقطت الانتخابات النيابية، التي جرت يوم الثلاثاء الماضي في التاسع من هذا الشهر، كل حججهم ومبرراتهم التي استندوا إليها لاتخاذ موقف استنكافي وسلبي بالنسبة إلى المشاركة في هذه الانتخابات إلى فعل ما تفعله الأحزاب، التي تثق بنفسها والتي تمتلك الشجاعة الأدبية، والمبادرة إلى مراجعة مواقفها وانتقاد ما قامت به نقداً ذاتياً بناءً يظهرها كبيرة وقوية في عيون منتسبيها وفي عيون كل المواطنين الأردنيين.

لقد كان على الإخوان المسلمين، وهذا ما يقوله الناس العاديون، بدلاً من أن تستنجد قياداتهم بالفضائيات المعادية للأردن ومن بينها فضائية "العالم" الإيرانية لتشن هجوماً، اتسم بالتردد وعدم الثقة بالنفس، على هذه الانتخابات، أن يبادروا إلى الاعتراف بأنهم ارتكبوا خطأً فادحاً عندما اتخذوا موقفاً استنكافياً إزاء استحقاق وطني ثبت بالأدلة القاطعة إجماع الأردنيين عليه.

لم يعد ينفع الإخوان المسلمين كل هذا التلطي وراء أصابع أيديهم، هروباً من مواجهة الحقائق التي باتت تفقأ العيون، والتي أظهرت بلا أدنى شك أن أوراقهم غدت تعاني الاصفرار، وأنهم لم يعودوا قادرين على تسويق شعاراتهم القديمة التي عفا عليها الزمن على الأجيال الأردنية الصاعدة التي هي أجيال الأرقام والحقائق والوقائع الملموسة، وبهذا وبدل كل هذه المناكفات المكشوفة فقد كان عليهم أن يلجأوا إلى فضيلة النقد الذاتي البناء لتدارك أوضاعهم المتهاوية قبل أن تحين لحظة الانهيار.

الكل يعرف، وهذا لم يعد خافياً حتى على أصحاب أنصاف العقول، أن أوضاع الإخوان المسلمين التنظيمية الداخلية هي التي جعلتهم لا يجدون ما يهربون إليه ويتغطون به سوى السلبية والاستنكاف ومقاطعة انتخابات يوم الثلاثاء الماضي التي شهد بنزاهتها المراقبون الذين جاءوا من أربع رياح الأرض، ولهذا فإن المؤكد أن هذه الجماعة باتت إلى نهاية كنهاية الأحزاب القومية واليسارية التي رفضت مراجعة مسيرتها، فكانت نهايتها تلك النهاية المأساوية.