جاء في سنن أبي داود، عن النبي-‏ ‏صلى الله عليه وآله وسلم-‏ ‏قال:‏ «‏إذا عُمِلت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها، وقال مرة أنكرها، كان كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها». صدق رسولنا الكريم الذي جاء بالحق.

Ad

لو قارنا التركيبة السكانية في دولة الكويت ببقية دول العالم لوجدناها لا تختلف من حيث التوزيع إلا بنوع المعطيات، فدول مثل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وكندا تجد فيها مجموعة من الإثنيات العرقية والدينية والطبقية لكنها تدور في فلك الحقوق والواجبات، فلا يميز مواطن عن غيره إلا بنوع العطاء، إذ عرفت تلك الشعوب مفتاح الحل من خلال تكريس تلك القيم.

هذه الدول لم تكن لتتقدم وتقود العالم لو أنها لم تصنع المواطنة الحقة، وتضع القانون فوق كل اعتبار؛ لتكرس مبادئ الحرية المسؤولة لتطوي بعدها نار الفتنة والتطاحن المجتمعي إلى غير رجعة، وإن وجدت بعض الحالات الفردية ممن يؤمنون بنهج الاستقصاء تجد القانون هو الرادع.

ما يهم في الموضوع هو تلك المعادلة المقلوبة في الكويت، فبعدما ضرب الشعب الكويتي المثل الأعلى لكل شعوب العالم بكيفية توحده في ملحمة تاريخية، قلما يعاد مشهدها في العالم، تجد من يطعننا من بين ظهورنا ليقسم المجتمع إلى سنة وشيعة، وبدو وحضر، وعرب وفرس، وبتسميات غريبة وبغيضة في آن واحد، فمرة «تكفيري ناصبي» ومرة «رافضي صفوي» ومرة «مزدوج الجنسية»، وللأسف هناك من يتلقف تلك الأفكار من النخب ليضيع فيها البسطاء من عامة الناس حتى وصل الأمر إلى أطفال المدارس من خلال أسئلة لم نجرؤ على ذكرها في كل مراحل الدراسة.

ما آلت إليه الأمور لا يمكن السكوت عليه، بحيث أصبحت الأفعال الصبيانية تختزل بخط الانتقام؛ حتى وصلت الحال بالبعض إلى المطالبة بالقصاص والقتل مبتعدين عن مبادئ الدين الإسلامي، وعن خلق الرسول الكريم، قال الله تعالى: «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً». الأحزاب الآية (21).

فإن كان الرسول هو القدوة فانظروا كيف أدار حادثة الإفك ممتثلا لقوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ» (11) سورة النور.

مهمة الحكومة لا يمكن أن تختزل في مواجهة الاستجوابات، فهذا الملف من صميم العمل والحراك السياسي، لكن إبعاد الكويت عن نار الطائفية هو الهم الأكبر، فسنّة الكويت وشيعتها للكويت، وإن تطرف معتوه فيجب ألا يعطى مساحة أكبر من حجمه، بل يواجه بتطبيق القانون على ألا يجر بفعله جزءا كبيرا من المجتمع، فمتى ما انطلت الحيلة وشرب كأس الفتنة أكلت النار الحطب.

ودمتم سالمين.