لأول مرة في حياتي لست متفائلة، ولست أرغب في خداع نفسي أكثر، فالعالم من حولي يتهاوى، ولست أعرف إن كان الغد أجمل، ولكني كنت أود لو أحظى بشيء من الأمان في رحلة حياتي وقبل مماتي، وأرغب في أن أتنفس هواء ممتلئاً بحرية الشعوب وسلام كنت أحلم به كثيراً.
لست سوى كاتبة كويتية لا أملك سلطة ولا نفوذا، لا أملك سوى قلم أشرح به شعوري كمواطنة عربية تشعر بالظلم، نعم إني أرى الظلم يومياً عند إخواننا في تونس ومصر وليبيا وسورية واليمن... والقائمة طويلة لن تنتهي... فالعالم العربي كله ينهار أمامي.لست أرى مستقبلا لجيل قادم، ولست أنوي أن يكون لي امتداد في هذه الحياة، لأنني أرى العالم العربي بمنظور من نوع آخر، فلا تتملكني أنانية الإنسان الحميدة في أن ينجب أبناء في هذا العالم المظلم، فخير لي أن أحبط أسرة بدلا من أن أحبط أطفالا مساكين سيولدون في بلاد لا تحمل في طياتها أماناً ولا استقراراً، فأمجادنا كانت كبيرة في ماض سمعت عنه ولست أعرفه... لكنني أعرف الحاضر وأشك في استقرار المستقبل.مؤمنة أنا في أن المحبة ستجمع العالم على السلام يوماً ولكني لست أراها، فنفوس البشر تلونت بحقد غريب وحسد لا ينتهي، ولست أعرف إن كنت محظوظة أو منحوسة بأني خلقت كويتية، فحتى الآن لا أعرف إن كانت هذه نعمة أم نقمة... لا تكرهوني إنني مجرد كاتبة تعبر عن مشاعرها دون أن تحتسب كثيراً لما يظنه الآخرون؛ لسبب بسيط أنني لم أعد أكترث بثرثرتهم، اكرهوني إن شئتم ولكني متصالحة مع نفسي ولا أدعي اليوم أن العالم سيبدو أكثر استقراراً. من كان يتوقع أن تقام ثورات متتالية في أوطاننا العربية؟ ومن كان سيصدق أن بائع خضروات أحرق نفسه فأشعل الغضب العارم في الشوارع العربية؟ ومن كان يظن أن القاهرة اليوم تشهد احتجاجا مخيفا بدأ بقلب الموازين؟... تعتريني أسئلة كثيرة! ترى من سيكون الحاكم الأصلح لأوطاننا؟ وكأني أسمع إجابة لسؤالي: «لا شخص يستحق» فكل من يجلس على كرسي الرئاسة يلتهم شعبه بمطامع لا تنتهي.لأول مرة في حياتي لست متفائلة، ولست أرغب في خداع نفسي أكثر، فالعالم من حولي يتهاوى، ولست أعرف إن كان الغد أجمل، ولكني كنت أود لو أحظى بشيء من الأمان في رحلة حياتي وقبل مماتي، وأرغب في أن أتنفس هواء ممتلئاً بحرية الشعوب وسلام كنت أحلم به كثيرا.لست أرى سلاماً قادماً، ورغم ذلك لن أفقد حقي بالحلم... وسأظل أحلم في أن يعم السلام يوما، وأن تنتهي حروبنا، وأن نحب بعضنا كإخوان في البشرية، وأحلم بيوم تتخلص فيه النفوس من الأحقاد وتتطهر من الكراهية.قفلة:أرى في الأطفال ابتسامة بريئة، وأرى حزنا سيخيم على سمائهم إن أدركوا، وأتمنى أن يبقوا أطفالا أبرياء لا يعون ما يحدث، وأتمنى لو أرجع طفلة لا تحلم سوى بشوكولاتة تفرحها ولعب مع الأصدقاء يبهجها، فأنام من فرط التعب بعد اللعب دون اكتراث بما يحدث... أتمنى لو بقيت طفلة إلى الأبد حتى لا تذبل روحي في عالم مليء بجشع وأوساخ متراكمة، وحتى لا أستوعب ما يحدث الآن! لو كنت طفلة بريئة أحلم أن أرجع لأرى الأمان في حضن أبي وضحكة أمي حين أتفوه بأي حماقة تضحكها! كنت أتمنى لو لم أكبر، كنت أود لو كنت سبباً في إلهاء أمي وأبي عما يحدث اليوم خصوصاً حينما أراهما يسكنان أمام شاشة الأخبار، وكثير من المخاوف تعتريهما... كنت أتمنى أن أسعدكم. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
منظور آخر: لست سوى حالمة
11-02-2011