شكراً سمو الامير
الفوضى التي نعيشها هذه الأيام قد تكون نتيجة كبر جرعة، وسرعة الانفتاح الإعلامي الذي لم نستطع التماشي معه، كما أن التجربة الديمقراطية التي جبل عليها أهل الكويت منذ القدم أدخلت عليها مستجدات إعلامية مرئية وغير مرئية اختلفت عن السابق، وما يدور اليوم من طرح هو عبارة عن توجهات وفق أجندات خاصة أدت إلى هدم أو تشويه صورة الديمقراطية.
عندما شرع المؤسسون في كتابة الدستور لم تكن غائبة عنهم أهمية وجود آليات تقوي أواصر مكونات المجتمع، ولذا احتوى الباب الثاني من الدستور على عدة مواد تحت عنوان «تدعيم المقومات الأساسية للمجتمع الكويتي»، حيث أشارت المادة السابعة إلى أن «العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع، والتعاون والتراحم صلة وثقي بين المواطنين»، والثامنة إلى أن «تصون الدولة دعامات المجتمع وتكفل الأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص للمواطنين»، وإلى جانب ذلك وضعت السبل الكفيلة لضمان الترابط الاجتماعي من مواد أخرى تلزم الدولة بتوفيرها لبلوغ ذلك الهدف.فالقانون لم يتجاوز حرية الاعتقاد وحرية التعبير بل عززهما، ولكن بنطاق لا يدعو إلى تقويض ركائز المجتمع، كما أن الدستور ساوى بين أطياف المجتمع بالحقوق والواجبات، إلا أن البعض تمادى باستغلال تلك الحقوق دون مراعاة لحقوق الآخرين وكأن الدستور أو الدولة ملكية خاصة.الفوضى التي نعيشها هذه الأيام قد تكون نتيجة كبر جرعة، وسرعة الانفتاح الإعلامي الذي لم نستطع التماشي معه، كما أن التجربة الديمقراطية التي جبل عليها أهل الكويت منذ القدم أدخلت عليها مستجدات إعلامية مرئية وغير مرئية اختلفت عن السابق، وما يدور اليوم من طرح هو عبارة عن توجهات وفق أجندات خاصة أدت إلى هدم أو تشويه صورة الديمقراطية. بعض وسائل الإعلام المرئية يعاب عليها ضعف التحضير، بحيث تجد مقدمي البرامج السياسية لا يملكون أدنى مقومات المهنية اللازمة لإدارة تلك البرامج سوى إثارة مواضيع التفرقة؛ لكسب متابعة المشاهد وسط ثقافة لا تعرف إلا لغة الإسفاف والشتم والنيل من الآخرين وتجريح مكونات المجتمع.امتعاض صاحب السمو- حفظه الله- من تلك الممارسات لم يأت من فراغ، فما يجري على الساحة من تفتيت للحمة الوطنية لا يمكن للأمير الأب أن يتجاوز عنها، ولذا كان تعبير سموه عن عميق أسفه واستيائه إزاء ما شهدته الساحة المحلية أخيرا من أحداث وممارسات عبثية يرفضها المجتمع، ويجرمها القانون، حيث أكد سموه- حفظه الله ورعاه- حين اجتماع مجلس الوزراء الالتزام بتطبيق القانون على الجميع بما يكفل ويحفظ الأمن والاستقرار في البلاد، كما حث مجلس الوزراء ومجلس الأمة على الإسراع في إنجاز القوانين التي تضمن صيانة كرامة الأشخاص وسمعتهم واحترام حدود الحرية، ويجسد روح المسؤولية في التعامل الإعلامي مع مختلف القضايا، والذي يحقق المصلحة للوطن والمواطنين ويحترم الثوابت والوحدة الوطنية ويعزز مقوماتها.سموه- حفظه الله- لم يغفل عن مدى الحاجة لقوانين تنظم التعاطي مع المعطيات التي فرضها الانفتاح الإعلامي الذي لم يكلف نفسه عناء الاحتراف في التخاطب مع المجتمع، فلذا تجد أغلبية البرامج الحوارية لا فائدة ترجى منها سوى جذب المشاهد ولو على الكرامات واللعب على الأوتار الطائفية والقبلية والطبقية، والتي لم يعيشها جيل الآباء، فلم نسمع في مذكراتهم عن فقير حقد، ولا متدين كفّر أحدا، ولا صديق خان، ولم يكن اختلاف اللهجات مدعاة للسخرية، فالكل يحترم الآخر، فكبيرهم يرحم صغيرهم، وصغيرهم يجل كبيرهم، وكلهم يحب الكويت ويضحي من أجلها.كلمة أخيرة: الإعلام الذي نريده يبني ويشارك بنشر ثقافة الحرية ويعزز الوحدة الوطنية، ويراقب دون تجريح، فهو سلطة ولسان حق إن أراد ذلك.ودمتم سالمين.