بات من المتعين على النائب فيصل المسلم أن يواجه النيابة العامة ويخضع للتحقيق في القضية المرفوعة عليه من «بنك برقان» بعد أن عرض على شاشة المجلس قبل استجوابه لرئيس مجلس الوزراء، شيكاً مسحوباً من حساب الشيخ ناصر المحمد عبر البنك الشاكي لمصلحة النائب وقتها ناصر الدويلة بقيمة مئتي ألف دينار كويتي.

Ad

ومنذ أن رفعت الدعوى القضائية وخلال مناقشات طلب رفع الحصانة النيابية عن الدكتور فيصل المسلم، شهدت الساحة تحركات مكوكية قادتها كتلتا «العمل الشعبي» و»الإصلاح والتنمية» ومقربون منهما، إلا أن التكتيك الحكومي كان أقوى فذهبت ريحهم وفشلت مساعيهم وأصبح النائب فيصل المسلم بلا حصانة مرغماً على مواجهة مصيره.

أبرز نتائج الأسبوعين الماضيين عودة الفرقاء إلى طاولة الحوار، وأعني بها ترطيب الأجواء بين الكتل البرلمانية، فقد دعمت «حادثة المسلم» مساعي الحوار وتشكيل جبهة مضادة للحكومة ورئيسها داخل المجلس، وهذه الجبهة أخذت بالتشكل على مهل بعد شروع رئيس الوزراء بملاحقة خصومه قضائياً، بدءاً بالكاتب محمد عبدالقادر الجاسم ثم أمين عام التحالف الوطني الديمقراطي السابق خالد الفضالة، ليضاف إليهما أخيرا وليس آخراً النائب فيصل المسلم، وإن كانت قضيته ليست ذات صلة مباشرة به، فإننا لا نستطيع إسقاط الخصومة السياسية من الحسبة، كون المسلم تقدم بأول طلب استجواب لرئيس الوزراء في تاريخ الكويت على خلفية أزمة الدوائر 2006، ثم تقديمه للاستجواب الذي صعد بموجبه رئيس الوزراء المنصة على خلفية الموضوع المثار حالياً قبل عام بالضبط من اليوم في 8/12/2009، والذي انتهى بتقديم طلب عدم تعاون أيده 13 نائباً، وبتأويل آخر 26% من نواب المجلس.

الجبهة المعارضة للحكومة ورئيسها تتمدد على مهل، وأرضية مؤيدي الحكومة ورئيسها ليست ثابتة، بل هي أقرب إلى الرمال المتحركة، تراها من بعيد صلبة لكنها رخوة جداً وتبتلع من يقف عليها، وعليه فقد أضحى على معارضي الحكومة اليوم طي صفحة حصانة النائب فيصل المسلم، والتخطيط بتركيز للمستقبل لتحقيق غايتهم، ولا يمنع جنوحهم إلى التهدئة مرغمين قبل شن غارة سياسية أخرى، فمعاركهم الخاسرة تكلفهم الكثير ومن خلفهم الدولة والمجتمع، كما يجب عليهم الابتعاد عن استعراض العضلات المبالغ فيه والاستخدام المفرط للقوة السياسية، وأن يستفيدوا من تجاربهم السابقة، فخطؤهم سيكون خطيئة بعيون مناوئيهم من القوى المضادة وفاتورة تصحيحه ستكلفهم الكثير.

وإن كان بالمجال نصيحة أخرى، فعليهم الابتعاد عن التاريخ، فلم يبق لنا من مجلس الأمة إلا ماضٍ جميل نستذكره ورجال نترحم على زمانهم، فمعارضة عبدالعزيز الصقر وأحمد الخطيب وجاسم القطامي وسامي المنيس، ليست بالتأكيد كمعارضة فيصل المسلم ومسلم البراك والصيفي الصيفي وأحمد السعدون، لأننا اليوم نتمتع بديمقراطية دون ديمقراطيين، فيما كان رجال ذلك الزمن ديمقراطيين دون ديمقراطية، وهنا الفارق.