تحت أكثر من سماء
كتاب الشاعر أمجد ناصر الصادر عن المجمع الثقافي في أبوظبي، الذي يحمل عنوان «تحت أكثر من سماء»، هو أحد الكتب الحديثة النادرة في مجال أدب الرحلات، كُتب بسلاسة وبلغة عالية الشفافية. يقرأ هذا الكتاب بمتعة لأنه يتناول فيه الكاتب تجربته الشخصية في الرحلات إلى البلدان التي زارها، وتعرف إليها، أو بلدان أقام فيها ثم غادرها وعاد إليها بعد غياب سنوات طويلة ليراها بعيون أخرى، يحتوي الكتاب على رحلات إلى ستة بلدان هي: اليمن، ليبيا، عُمان، سورية، المغرب، ثم كندا، ليس هذا الكتاب كتاب رحلات سياحية كما يُظن، بل هو سفر عميق وفاحص للبلدان التي زارها الكاتب، سفر في البنى الثقافية والاجتماعية والخلفيات التاريخية لهذه البلدان، وهو لا يقدم أجوبة ولا يدّعي معرفة إنما يُثير أسئلة غاية في الدقة والأهمية، ويتأمل في مصائر الناس والأصدقاء والمدن، خصوصاً المدن التي أقام فيها ثم غادرها وعاد إليها من جديد، في الكتاب مقاطع تأملية طويلة تتجلى فيها ذات الكاتب بعد بلوغه الأربعين، مقاطع عن الطفولة والصداقة والأمكنة والحروب وحركات الناس والتفاصيل اليومية، معززة بخلفية تاريخية وسياسة لمرحلة ولّت في لبنان، اليمن، سورية مثلاً، والكتاب لا يخلو من طرافة في بعض سرده، خصوصاً الرحلة الكندية التي دُعي إليها الشاعر للمشاركة في مهرجان شعري عالمي للناطقين بالفرنسية، مع أنه لا يتقن الفرنسية، مما أثار الالتباس والحيرة بالنسبة إلى الكاتب والمنظمين على حد سواء، رحلته إلى عُمان كانت استكشافاً مهماً فكتب عن عُمان بصفاء ومحبة، مستعيناً بملاحظاته الشخصية في الأمكنة والتفاصيل تارة وكتب التاريخ والسِير تارة أخرى. للكاتب مقدمة يذكر فيها مؤلفه السابق «خبط الأجنحة»، لكنه يرى أن هذا الكتاب يذهب إلى مدى أبعد وأوسع، يقول الكاتب في المقدمة: هاجس هذه الكتابات هو الاحتفاء بالمكان وشخوصه، لا مجرد المرور بهما، إنها محاولة للتوقف في المكان وأمامه والإنصات إلى أصواته الكبيرة والصغيرة على السواء، ويحلو لي أن أزعم أن نداءات أصواته الصغيرة، التي بالكاد تبلغ السجلات والقيود والمصنفات، هي التي تشدني أكثر من الأصوات التي يمكن سماعها من مبعدة، والتي لا تسوغ دائماً عناء الرحلة، ويُشير الكاتب أيضاً إلى صعوبة عبور المكان العربي، كما كان يفعل أسلافنا الكبار، في جغرافيا واقعية مترامية الأطراف، وأخرى متخيلة لا يحدها حد. وبسبب هذه الصعوبة يفسر الكاتب ضآلة كتابة الرحلة عن العالم العربي بأقلام أبنائه.رجل مجنون لا يحبنيمجموعة الشاعرة والفنانة الإماراتية ميسون صقر القاسمي، الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، تحت سلسلة الأعمال الإبداعية بعنوان «رجل مجنون لا يحبني»، يمكن اعتبارها أنضج تجارب الشاعرة على صعيد التناول والقول الشعري، ففي نصوصها الأخيرة هذه تذهب ميسون صقر إلى مدى أعمق عبر تراكيب لغوية أقل ذهنية وأقرب إلى القول المرتبط بتجربة حياة معاشة بقلق ولهفة لا تخلو من شكوك فيما تثيره من أسئلة في أفق الكتابة. اللغة بسيطة لا تفتقد الصفاء والشفافية، لأن الشاعرة تكتب بحميمية كما لو أنها تخاطب ذاتها، أو تحادث أحداً قريباً أو بعيداً، حاضراً أو غائباً، بينما أحياناً تظهر ذات الشاعرة على نحو واضح كما في قصيدتها «خادمة متعبة تحب صورة في المرآة»:أشعر أنك تضمنيكلما فكرتُ بكبينما يداي تدعكان الأوانيأو تمسحان ببط أرضية البيتبالأمس فتحتُ شباكاً ونظفتهيداي مغبرتان بالأحلامصدري يسعلوأنا أتأملك في الزجاجأردد دائماً لكم تعبتُوكنتُ أكثر تلفاً وعوزاًأنني أقدر على الحب.وفي قصيدة جميلة بعنوان «القدم العاطلة» تكتب الشاعرة:أستطيع أن ألاحظأن القدمين ليستا بجانب بعضهماوأن كل يد خرابلكنني كلما بدأت الرقصتعمدتُأن أبدأ بقدمي العاطلةفي مواجهة العالم.
توابل
كلمات في الأفق
22-09-2010