تجارة جحا بالبيض!!

نشر في 22-11-2010
آخر تحديث 22-11-2010 | 00:00
 صالح القلاب لم يمر الرئيس الفلسطيني بوضع أكثر صعوبة من هذا الوضع الذي يمر به الآن؛ فالأميركيون أقحموا قضية وقف الاستيطان، الذي يطالب بضرورة إلزام الإسرائيليين به لإطلاق المفاوضات المباشرة المتوقفة، في صفقة سلاح متطور لإسرائيل يتضمن نحو خمساً وعشرين طائرة من طراز F-35 وهذا قد يفهم من قبل بعض العرب على أنه تواطؤ من قِبَل الفلسطينيين في قضية حساسة هم في حقيقة الأمر بعيدون عنها كل البعد.

والمعروف أن الولايات المتحدة ترتبط مع إسرائيل بتحالف عسكري إستراتيجي يعود إلى بدايات سبعينيات القرن الماضي وأنها بموجب هذا التحالف بقيت تزود الإسرائيليين بدعم عسكري متواصل معلن بقيمة نحو ثلاثة مليارات دولار في العام، وأنها أيضاً وفرت للدولة الإسرائيلية مظلة جوية عمادها صواريخ "باتريوت" الشهيرة، أولاً: في بدايات تسعينيات القرن الماضي بحجة حمايتها من صواريخ صدام حسين التي كانت مجرد كتل حديدية، وثانياً: خلال السنوات الماضية بحجة مواجهة الصواريخ الإيرانية التي قد تنطلق في أي لحظة.

والمهم أن محمود عباس (أبو مازن) الذي التقى أمس الأول الرئيس المصري حسني مبارك وأطلعه على آخر ما يعرضه الأميركيون بالنسبة إلى صفقة وقف الاستيطان مقابل إطلاق المفاوضات المباشرة يجد نفسه بين فكي كماشة سياسية، فهو من جهة يحسب ألف حساب لرفض المطالب والشروط الأميركية، وهو من جهة أخرى يجد أنه انتحار ما بعده انتحار أن يوافق على الصفقة الأمنية التي جرى تسريب بنودها الخمسة، والتي يقال إنها أُبرِمت بين الأميركيين والإسرائيليين على خلفية ما تم التوصل اليه بين بنيامين نتنياهو ووزيرة خارجية أميركا هيلاري كلينتون.

هناك مثل يقول: "كتجارة جحا بالبيض" والحقيقة أنه إذا صحت هذه التسريبات والظاهر أنها في معظمها صحيحة، فإن الأفضل للرئيس الفلسطيني أن يطوي صفحة المفاوضات المباشرة وغير المباشرة مادام الذي يحكم إسرائيل هو هذا التحالف الذي يقوده بنيامين نتنياهو، وأن يركز على تنمية الضفة الغربية وفقاً لخطة رئيس وزرائه سلام فياض الذي أحرز نجاحات واعدة على هذا الطريق.

إنها كتجارة جحا بالبيض بالفعل، فالاتفاق الذي جرى تسريبه وتسعى واشنطن إلى تبليعه للفلسطينيين ينص على التزام الولايات المتحدة خطيّاً عدمَ مطالبة الإسرائيليين بوقف الاستيطان بعد التزامهم وقفَه ثلاثة أشهر مع استثناء القدس الشرقية منه، وهذا معناه أن هذه الأشهر الثلاثة ستمر بدون أي إنجاز وبدون أن يتحقق أي تقدم لتُفتَح الأبواب بعد ذلك أمام الغول الاستيطاني على مصاريعها، ولتفعل إسرائيل ما تشاء، وليجد "أبو مازن" نفسه أمام واقع لا يُحسَد عليه.

back to top