في الآونة الأخيرة باتت الدعوة إلى التفاؤل أشبه بمطلب يدعو إليه العديد وينادون بالأمل، ويطالبون الآخرين بالابتعاد عن أي طاقة سلبية، فالتفاؤل والتشاؤم كالعدوى تنتقل كالفيروسات بين الأشخاص، وكم من مرة كنت أنت فيها سعيدا مبتسما حتى صادفت شخصا سألته: كيف حالك؟ وإذا به ينهال عليك بالشكوى، وكلامه كأنه مسامير مزعجة باتت تغرز في تفاؤلك، وتدريجيا تجد روحك المعنوية تغيرت لا إراديا، وانسابت تحت تأثير هذا الشخص المتشائم المتذمر، وما أكثرهم في حياتنا!

Ad

كلنا تمر علينا هذه الحالات من التشاؤم والسلبية، ولكن من الأفضل أن نحاول أن نعالجها، ونطفئ الشعلة التي تزيدها، ومن ثم نحاول أن نفرغ تلك الطاقة السلبية التي تتملكنا, سواء عن طريق الرياضة أو العمل التطوعي، فمن لم يذق لذة العمل التطوعي ومدى الراحة النفسية التي ستعود عليه فقد فوت على نفسه فرصة جيدة للشعور الجميل بالعطاء.

نستطيع أن نختار كيف نعيش، ونستطيع أن نطوع مشاعرنا ونتجاهل أخرى إذا تعودنا على تجاهل حماقة الآخرين وغيرتهم وحقدهم.

نحن هنا مازلنا نتعثر بكلام الناس، وبماذا سيظنون؟ وماذا سيقولون؟ وكيف سيتقبلون هذا وذاك؟ فانشغلنا إلى حد نسينا فيه أن نبتكر أشياء جديدة، ففي الغرب الفكرة الجديدة هي مغامرة، وهي التي جعلت منا مجرد مستهلكين لإبداعاتهم، ونحن العرب للأسف أكثر من يسيء استخدام اختراعاتهم، ونبدع في تسييس أي وسيلة ونجعلها تتسم بالطائفية والعنصرية، فمواقع مثل «الفيس بوك وتوتير» التي أنشأها هؤلاء، واستطاعوا أن يحققوا الملايين، نحن هنا لا نخترع ولا نبدع فقط، بل نفلسف الأمور ونحلل نظرية المؤامرة.

لن يتأتى التغيير سوى بالتوقف عن التدخل في حياة الآخرين، وفي التركيز بما هو قادم، وفي ماذا سنفعل للبشرية، ولأنفسنا قبلها. السعادة لن تأتينا زاحفة، ولن تقدم لنا على طبق من ذهب، نحن من نغير حياتنا، ونحن من يختار الطريق الذي سنكمل به حياتنا، حتى إن تخبطنا وتعثرنا مرارا فلن يكون الوقت متأخرا أبدا لتغيير المسار الخاطئ الذي اخترناه من قبل، فنحن من يبحث عن السعادة وطريق الوصول إليها بأيدينا نحن لا بأيدي الآخرين.

قفلة:

كان هناك أب يمر بضائقة مادية، ولم يكن يريد لابنه أن يشعر بمدى الفقر الذي وصلوا إليه، فكان في كل ليلة لا يجد فيها ما يطعمه يحضر له لقمة خبز ويطلب منه أن يقفل عينيه، ويتخيل أنها «بيتزا» لذيذة، وحين يشتد بهم البرد يحضنه وينمي خياله بأنهم لو كانوا في غابة لأكلتهم الوحوش ليشعره بأن وضعه أفضل بكثير من غيره، وحرص في كل يوم أن يقول له أنا سعيد يا بني هل أنت سعيد؟ حتى اقتنع الولد بأنه سعيد، واستطاع بهذا الأمل أن يتخطى ضائقته المالية ويحقق شيئا لابنه في يوم من الأيام.