لا للحرب

نشر في 23-08-2010
آخر تحديث 23-08-2010 | 00:01
تجاوز الإنفاق العسكري في دول مجلس التعاون خلال العقود الثلاثة الماضية 300 مليار دولار، كان من الأولى أن تصرف تلك الأموال الطائلة على تحسين الرعاية الصحية، وتطوير التعليم، ورفع جودة الخدمات الاجتماعية، وتجديد البنى التحتية المتهالكة بدلاً من استنزافها في شراء الأسلحة والمعدات العسكرية.
 د. بدر الديحاني عادت طبول الحرب تقرع بقوة مرة أخرى بالقرب منّا، وعادت معها المنافسات و"الحروب" الشرسة والمحمومة التي تدور رحاها بين الشركات العالمية المصنعة للأسلحة الثقيلة والباهظة الثمن من أجل تسويق منتجاتها من الأسلحة الفتاكة و"الأسلحة الوقائية" وبيعها لدول منطقتنا، وكأنه مقدر على شعوب المنطقة أن تعيش في ذعر وخوف دائمين، فلا تستفيد من ثرواتها الطبيعية التي يستنزفها السباق الرهيب للتسلح الذي لم يتوقف منذ اكتشاف النفط، إذ إن مليارات الدنانير تصرف سنوياً على أسلحة ضخمة تكدس في المخازن ثم تستبدل بعد فترة بأخرى جديدة من أحدث منتجات مصانع الأسلحة الجديدة والمتطورة في الدول الغربية.

لقد مرت على دول الخليج خلال العقود الثلاثة الماضية حروب مدمرة أكلت الأخضر واليابس وخلَّفت دماراً مادياً وبشرياً ونفسياً لاتزال شعوب المنطقة تعاني آثاره حتى الساعة، كما تسببت الحروب العبثية التي حدثت في المنطقة في تلوث الماء والهواء والأرض وزادت بالتالي من معدلات الأمراض المزمنة والفتاكة، خلافاً للإنفاق العسكري في دول مجلس التعاون الذي تجاوز خلال هذه الفترة 300 مليار دولار، كان من الأولى أن تصرف على تحسين الرعاية الصحية وتطوير التعليم ورفع جودة الخدمات الاجتماعية وتجديد البنى التحتية المتهالكة بدلاً من استنزافها في شراء الأسلحة والمعدات العسكرية.

إن من حق شعوب المنطقة أن ترتاح من ويلات الحروب التي تديرها الدول الكبرى بناء على مصالحها، كما أن من حقها أن تعيش بسلام وتحل مشاكلها من خلال التفاوض السلمي لكي تتفرغ لعملية التنمية المستدامة والتعاون المشترك في ما بينها، بعد أن أنهكتها الحروب العبثية واستنزفت ثرواتها وخلقت عداوات مصطنعة بين شعوبها.

والآن، حيث إن هنالك على ما يبدو تسخيناً إعلامياً من أجل تحضير الرأي العام العالمي لاسيما في الدول الديمقراطية المتقدمة، لكي يتقبل توجيه ضربة عسكرية أميركية أو إسرائيلية أو الاثنين معاً لمفاعل بوشهر الإيراني النووي، وهو الأمر الذي سينتج عنه نشوب حرب جديدة في المنطقة ستكون لها آثار مدمرة طويلة المدى، لأن الحرب كما يقول العسكريين ليست نزهة، ناهيكم عن الآثار البيئية الخطيرة التي ستترتب على ضرب المفاعل النووي الإيراني مثل التلوث الإشعاعي الخطير الذي لن تكون الكويت بمنأى عنه، لأنها لا تبعد إلا بنحو 277 كيلومتراً فقط عن المفاعل النووي.

لذا فإن المفترض ألا تكتفي شعوب المنطقة، وهي التي ذاقت ويلات الحروب المدمرة، بمتابعة الأخبار ثم تدير ظهرها غير مبالية وكأن أمر الضربة العسكرية الأميركية أو الإسرائيلية لإيران لا يعنيها بشيء، بل إنه يتعين على شعوب المنطقة، التي ستكون أول من يكتوي بنار الحرب، أن تُسمع دول العالم وكل شعوبها صوتها العالي والقوي الرافض للحرب والداعي إلى التعايش السلمي بين شعوب المنطقة، والمنادي بجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة منزوعة السلاح النووي مستخدمة في ذلك جميع الوسائل السلمية الممكنة، من أجل الضغط على كل أطراف النزاع للقبول بالحلول السياسية والدبلوماسية من أجل تجنيب المنطقة ويلات الحروب والدمار.

back to top