الشعب يريد معرفة الحقيقة

نشر في 18-05-2011
آخر تحديث 18-05-2011 | 00:00
 د. بدر الديحاني من المفترض أن ترحب الحكومة بعلانية مناقشة الاستجوابين حتى توضح الحقيقة للرأي العام قبل توضيحها للأعضاء؛ لكي لا تلصق بها وإلى الابد الاتهامات التي وجهها إليها أعضاء المعارضة، فهل تفعل ذلك؟ أم أن في الأمر أمرا؟

صحيح أن الدستور لا ينص صراحة على ضرورة نيل الحكومة ثقة مجلس الأمة قبل أدائها القسم الدستوري وممارسة مهامها، إذ إننا لسنا نظاما برلمانيا كاملا، وهو ما يعد قصورا في الدستور، بيد أن تقديم استجواب إلى سمو رئيس مجلس الوزراء بعد أدائه القسم الدستوري مباشرة، ثم إلى نائبه للشؤون الاقتصادية بعد ذلك بأيام معدودة يعتبر مؤشرا سياسيا ذا دلالة من ناحية «الثقة» التي منحها مجلس الأمة للحكومة القديمة-الجديدة، لا سيما إذا ما أخذنا في الاعتبار أن الحكومة القديمة قد عادت بعد الاستقالة بتركيبتها الرئيسة تقريبا، وهي الحكومة نفسها التي صوت في يناير الماضي 22 نائبا مع امتناع نائب واحد على عدم إمكانية التعاون (أي حجب الثقة) مع رئيسها.

من ناحية أخرى أليس من حق الأمة دستوريا، باعتبارها مصدر السلطات جميعا، أن تعرف الحقائق وتطلع على المعلومات والبيانات كافة المتعلقة بكيفية إدارة شؤونها العامة؟

الجواب هو بالإيجاب بالطبع، إذ إن الحديث عن احترام الدستور وتطبيقه يصبح حديثا فارغا لا معنى له إذا ما تم حجب الحقائق والمعلومات عن الأمة أو تضليلها والتدليس عليها؛ لهذا السبب فإن الأصل في عقد جلسات مجلس الأمة هو العلانية، إذ من المفروض ألا تحول جلسات مجلس الأمة إلى جلسات سرية إلا في الحالات الاستثنائية النادرة جدا، والتي تتعلق بالأسرار القومية الحساسة.

وإن الحكومة الشفافة الواثقة من نفسها ومن قراراتها لا تتهيب مواجهة الرأي العام لشرح وجهات نظرها، بل إنها هي من يبادر تلقائيا إلى شرح سياساتها العامة وتبرئة ذمتها من أي اتهامات قد توجه إليها من خصومها السياسيين.

والآن هناك استجوابان مقدمان إلى الحكومة؛ أحدهما إلى سمو رئيسها الشيخ ناصر المحمد، والآخر إلى نائبه للشؤون الاقتصادية الشيخ أحمد الفهد، وهما استجوابان مستحقان، خصوصا أن القضايا التي طرحت فيهما، كما نشر في الصحف، هي قضايا إدارية ومالية وسياسية على درجة كبيرة من الأهمية، إذ إنها تتعلق بالسياسات العامة للحكومة.

وتتضمن تلك القضايا اتهامات خطيرة بتبديد المال العام واستغلال النفوذ والفساد والاعتداء على أملاك الدولة، وهي اتهامات خطيرة جدا لا يرضى أي سياسي أن يتهم بها، ثم تتم «طمطمتها» والهروب منها من غير أن يبرئ ذمته، ويقنع الرأي العام بصحة موقفه.

لهذا فإنه وبغض النظر عن التكتيكات السياسية التي تجيزها اللائحة الداخلية لمجلس الأمة؛ مثل تحويل الجلسة إلى سرية أو الإحالة إلى اللجنة التشريعية أو إلى المحكمة الدستورية فإنه ليس من مصلحة الحكومة اللجوء إلى مثل هذه التكتيكات؛ لأنها قد تفسر سياسيا على أنها محاولات للالتفاف على الأدوات الدستورية وإفراغها من محتواها، أو أنها هروب من المواجهة الديمقراطية العلنية نتيجة لعدم القدرة الذاتية على مقارعة الحجة بالحجة، أو لأن ما ورد في صحيفة الاستجواب من اتهامات لا يمكن دحضها والرد عليها بسهولة، وهو الأمر الذي يعني صحتها.

من هذا المنطلق فإنه من المفترض أن ترحب الحكومة بعلانية مناقشة الاستجوابين حتى توضح الحقيقة للرأي العام قبل توضيحها للأعضاء؛ لكي لا تلصق بها وإلى الابد الاتهامات التي وجهها إليها أعضاء المعارضة، فهل تفعل ذلك؟ أم أن في الأمر أمرا؟

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top