تعتبر مصادر قيادية في قوى 14 آذار أن ما جاء على لسان الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في خطابه بعد ظهر أمس الأول عن اكتشافات علمية ثابتة غير قابلة للدحض توصل إليها خبراء الاتصالات عن الاختراقات الإسرائيلية لشبكتَي الهاتف الخلوي والثابت في لبنان، يتطلب تراجعاً عن القرار الذي سبق لنصرالله أن أعلنه بوقف التعاون مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.

Ad

وترى هذه المصادر أن عدم الذهاب بالإثباتات العلمية إلى لاهاي يعني عملياً تفويت فرصة على "حزب الله" خصوصاً ولبنان عموماً لتوجيه ضربة موجعة إلى إسرائيل سياسياً وقضائياً هذه المرة، من شأن انعكاساتها أن تكون أكثر إيلاماً للدولة العبرية من انعكاسات أي مواجهة عسكرية بين الجيش الإسرائيلي والمقاومة.

ذلك أنه إذا صحت المعلومات التي أكدها نصرالله في خطابه عن أن القرار الاتهامي المنتظر لن يستند في توجيه الاتهام إلا إلى داتا الاتصالات التي يؤكد "حزب الله" أن مهندسي الاتصالات والتقنيين المختصين اكتشفوا أحدث الطرق التي اعتمدتها إسرائيل للتلاعب بها، فإن من شأن ذلك أن يوفر فرصة للسيد حسن نصرالله كي يستدرج إسرائيل إلى معركة مضمونة النتائج بالنسبة إليه، بحيث يتحول فيها المتهَم (بفتح الهاء) إلى متهِم (بكسر الهاء)، وبالتالي تقع إسرائيل في الفخ الذي نصبته للإيقاع بـ"حزب الله".

ويقول قيادي في قوى 14 آذار لـ"الجريدة"، إنه بإمكان حزب الله الذي يضم في صفوفه مقاتلين مستعدين للموت في مواجهة إسرائيل، أن يرسل من توقع السيد حسن نصرالله أن ترد أسماؤهم في القرار الاتهامي من عناصره وكوادره في "مهمة جهادية" إلى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي هدفها تثبيت اتهام إسرائيل بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، بدلاً من اعتبارهم متهمين. كما يمكن لـ"حزب الله" أن يستعين بوزير الاتصالات شربل نحاس وبالفنيين والتقنيين الذين ظهروا معه في مؤتمره الصحافي الأخير، وربما بغيرهم ممن يتعاون معهم "حزب الله" من دون أن يظهروا إلى العلن ليعيدوا أمام المحكمة تمثيل وتظهير ما قامت به إسرائيل من خروقات لشبكة الاتصالات بهدف اتهام "حزب الله" بالجريمة وتحويل الأنظار عن الفاعل الحقيقي، وليطلبوا استدعاء المسؤولين الإسرائيليين الأمنيين والعسكريين وربما السياسيين المعنيين إلى المحكمة كمتهمين حقيقيين.

ويذهب القيادي المذكور إلى أبعد من ذلك بالقول، إنه باستطاعة "حزب الله"، حتى من دون مثول المتهمين أو تسليمهم، أن يعيد من خلال تقنييه وفنييه وعبر فريق الدفاع الذي له بحسب نظام المحكمة صلاحيات مماثلة لصلاحيات المدعي العام خلال المحاكمة، تمثيل الجريمة الإٍسرائيلية بالتلاعب بالاتصالات أمام المحكمة من خلال طلب إحضار تجهيزات تقنية وبرمجية تسمح له ببناء ساحة لجريمة التلاعب بالاتصالات على غرار قيام المدعي العام دانيال بيلمار ببناء ساحة لجريمة التفجير مشابهة لمنطقة السان جورج في منطقة بوردو الفرنسية، إذ أجريت عملية تفجير مشابهة تماماً لتلك التي استهدفت موكب الرئيس الحريري.

ويخلص القيادي المذكور إلى تأكيد أن امتلاك السيد حسن نصرالله للإثباتات التقنية والعلمية الخاصة بالاتصالات لا يزعج قوى 14 آذار على الإطلاق، بل على العكس من ذلك تماماً فإن هذه القوى مستعدة للوقوف إلى جانبه في تظهيرها أمام الرأي العام اللبناني والدولي، متى تم تثبيت مصداقيتها وقابليتها للتطبيق علمياً وتقنياً على أرض الواقع. كما أن امتلاك "حزب الله" لهذه الأدلة والإثباتات يجعل لبنان وكل اللبنانيين بمن فيهم "حزب الله" أصحاب مصلحة ليس في تأجيل صدور القرار الاتهامي أو إلغائه بمعزل عما سيتضمنه، لأن الاتهام لا يعني الإدانة، وإنما في الوصول بأسرع وقت ممكن إلى مرحلة المحاكمات في ظل استقرار لبناني داخلي سياسياً وأمنياً، بحيث تصب الجهود على توجيه ضربة قاسية إلى إسرائيل والمتواطئين معها في تزوير الحقائق في جريمة اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه وغيرهم من الشهداء الذين اغتيلوا على مدى السنوات الخمس الماضية.