البعض يقول إن الكويتي مستهلك كسول، لا يريد أن يفكر بمنتج بديل، ويعيش خدعة أن المنتج الذي اعتاد عليه هو المنتج الأفضل دائماً، ولا يمكن أن يوجد له منافس، وهو مستهلك لا يراجع فواتير الشراء أبداً، ولا يناقش في الأسعار، ويشتري أصلاً «بالهبل» دون اهتمام بالقيمة، وحتى عندما ترتفع الأسعار، سيكتفي بالصراخ، من مكانه المريح.

Ad

ما كاد خبر المنحة الأميرية يذاع، وقبل أن يقبض الناس فلسا أحمر واحدا، حتى انطلقت أسعار بعض السلع ترتفع بجنون، هذا بالرغم من كل التصريحات والتطمينات التي أطلقتها الحكومة، ممثلة بوزير التجارة، من أنها ستراقب الأسعار ولن تسمح للتجار «الجشعين»– وهذه المفردة من عندي- بممارسة أي رفع غير مبرر للأسعار، وأنها ستتخذ كل الإجراءات اللازمة في حق المخالفين!

لكن الظريف أن الناس ما عادوا يصدقون هذا الكلام، بل صار بمنزلة النكتة التي يتداولونها في ما بينهم للتدليل على أن التصريحات الحكومية المتتالية ما هي إلا كلام ساخن يطير في الهواء مثل بالونات الهيليوم، وأنها جعجعة لا ينتج عنها طحين، ولن أكشف سرا خطيرا حين أقول إن انعدام ثقة المواطن بالحكومة قد صار اليوم ينسحب على كل ما يتعلق بالحكومة «الرشيدة» من أفعال وتصريحات «وللأسف»، وهذا شيء خطير جدا بالمناسبة لو كان القوم يعقلون! لكن ما علينا، ولنعد إلى موضوع ارتفاع الأسعار.

انتظار الحكومة لتفعل شيئا في هذا الصدد، أعني مراقبة الأسعار، هو انتظار بائس قد يطول، ولهذا فمن الواجب على المستهلك نفسه أن يقوم بشيء من جانبه، وأما القول بأنه مهما فعل المستهلك فلن يؤثر في التاجر شيئا فهو في الحقيقة قول خاطئ، بل سيتأثر التاجر لو وجد مواجهة وتصديا مجتمعيا حقيقيا على مستوى عال، وسرعان ما سيضطر إلى إعادة النظر في لائحة الأسعار وإعادتها إلى المستوى المقبول، ناهيك عن هذا، وحتى لو افترضنا أن التأثير سيكون بسيطا، فمن واجبنا تجاه أنفسنا أن نحاول أن نفعل شيئا وألا نستسلم لكل ما يحل بنا ليصبح الاستسلام هو شعار حياتنا، بل كل حياتنا... إن الذبيحة تأبى أن تستسلم لقصابها حتى آخر لحظة من لحظاتها، وبعضنا يريد أن يصير أكثر استسلاما من ذبيحة!

البعض يقول إن الكويتي مستهلك كسول، لا يريد أن يفكر بمنتج بديل، ويعيش خدعة أن المنتج الذي اعتاد عليه هو المنتج الأفضل دائما، ولا يمكن أن يوجد له منافس، وهو مستهلك لا يراجع فواتير الشراء أبدا، ولا يناقش في الأسعار، ويشتري أصلا «بالهبل» دون اهتمام بالقيمة، وحتى عندما ترتفع الأسعار، سيكتفي بالصراخ، من مكانه المريح، على حكومته لتقوم بمراقبة التجار الجشعين، وهي لن تفعل شيئا على كل حال!

وأنا أقول إن هذا، حتى لو كان فيه صحة في وجه من الوجوه، يجب أن يتغير، فقد صار من اللازم اليوم على المستهلك أن يدافع عن حقوقه، وأن يبحث عن منتجات بديلة، وأن يستغني عما لا يلزمه، وأن يبحث عن الأسواق والمنتجات المناسبة سعرا وجودة.

يا سيدات ويا سادة، لنتحرك ولنحاول عمل شيء ما، لمواجهة هذا الاستغلال الجشع المتواصل بلا هوادة من قبل التجار للمستهلك.

ومن ناحيتي فقد أطلقت والزملاء على الإنترنت، في «تويتر»، حملة توعوية عامة للناس ليتبادلوا من خلالها نشر النصائح الاستهلاكية، والخبرات العملية في هذا الجانب، وذلك للتنبيه على المنتجات والمحال التي رفعت أسعارها دون سبب وجيه، واقتراح البدائل، ولعل الحملة قد تتطور إلى موقع على الإنترنت ليتم تخزين ذلك الكم الهائل من المعلومات والنصائح به ليستفيد منها القراء، هذا ونسأل الله السلامة للجميع من الغلاء، ومن جشع التجار!

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة