تفكيك وزارة الإعلام أصبح من الضرورات الحتمية، بل إن مثل هذا القرار قد تأخر طويلاً، فكل يوم يمر على وجود هذه الوزارة يعني المزيد من المشاكل والأزمات ذات البعد الفني والمهني والثقافي، التي تصب في النهاية في أتون التصعيد السياسي!

Ad

ولطالما كانت وزارة الإعلام بميزانيتها الضخمة، سواء على مستوى الأجهزة والمعدات أو بتكاليف إعداد البرامج أو على مستوى الرواتب والأجور لجيش من العمالة المنتجة أو الخاملة على حد سواء، تحت مجهر الترصد والرقابة، ولا يغتفر أي خطأ يقع فيه الجهاز العملاق والمعقد.

ولم يصلح حال وزارة الإعلام تحت إدارة أي وزير، حيث تعاقب عليها شيوخ من الأسرة وأبرز الدبلوماسيين وأمهر أساتذة الإعلام ومن المشارب الفكرية والسياسية المختلفة، ولم تترك سوى بصمات بسيطة سرعان ما كانت تدفن تحت أنقاض التراكمات القديمة والتجاذبات والمصالح الداخلية!

وعلى الرغم من الاجتهادات التي تبذل بين الفترة والأخرى من قبل بعض المسؤولين فإن الملفات المتورمة لم يعد يجدي معها طب أو علاج، والحصيلة النهائية هي أن المبالغ الطائلة التي تصرف على هذه الوزارة لا يقابلها سوى عدم الرضا الشعبي على برامج وأداء الإعلام الرسمي الذي كان يوماً من الأيام أحد أبرز أوجه الصيت والسمعة لدولة الكويت في الخارج.

وفي ظل تنامي القنوات الخاصة وكثرتها وتنوع برامجها بل ودخولها في دوائر الصراع الخفي بين فئات وشرائح المجتمع، يكون استبدال وزارة الإعلام بهيئة مشرفة على وسائل الإعلام الجديدة أجدى وأنفع، فلا يمكن للوزارة أن تكون بمنزلة الرقيب على القنوات الفضائية والصحافة والمحطات الإذاعية الخاصة، وفي الوقت نفسه منافساً لها على استقطاب المشاهد، خصوصاً إذا عرفنا أن هذه المنافسة لم يعد لها أي ذكر.

وإذا كان أحد التبريرات التي ظلت الحكومة تضعها باستمرار كعذر لإبقاء وزارة الإعلام كمصدر للأخبار الرسمية وفي مقدمتها استقبالات سمو الأمير والأخبار الحكومية، فقد برهنت القنوات الفضائية الخاصة ورغم التباين الكبير بينها في النهج والأهداف، على أنها لا تقل وطنية في تغطية الفعاليات الرسمية، بدءاً من صاحب السمو الأمير مروراً بسمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء وفعاليات السلطتين، إضافة إلى الفقرات التراثية والأغاني الشعبية والوطنية.

ويبقى أن نشير إلى فراسة وشجاعة الدكتور أنس الرشيد الذي إن لم يكن الأول من وزراء الإعلام ممن طرحوا فكرة إلغاء هذه الوزارة، فإنه كان الأكثر جديةً وحماسة بل وإقناعاً للحكومة ومجلس الأمة في وضع برنامج تفكيك الوزارة ومنهجية ذلك، وتسويق الأطروحة بمهنية عالية تأخذ مصلحة البلد بعين الاعتبار، والمحافظة على إرث هذه الوزارة بنفس القدر من الأهلية.

ولذلك نأمل من الأخ الفاضل وزير الإعلام أن يتحمل مسؤولية هذا المشروع على عاتقه، لأن إنجاح فكرة إلغاء وزارة الإعلام وفقدان هذه الحقيبة الوزارية في عهده لن تكون نقيصة بحقه بقدر ما تكون إنجازاً تاريخياً يحسب له!

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة