لم يكن الكويتيون يوماً تنابلة السلطان، ولم يتكبروا على أي مهنة في تاريخ قبل النفط، فقد عملوا في الغوص والتجارة وصناعة السفن، إلى تنظيف القلبان من الطين وسطوح المنازل من مخلفات أمعاء أصحاب المنازل، لم يكن هذا عيباً، بل كان عملاً، والعمل شرف تم تناسيه بنعمة النفط وكيفية إدارة هذه "النعمة".

Ad

مناسبة هذا الكلام المكرر، الذي لن يقدم ولن يؤخر في برنامج ساعة التراخي الكويتية، هو أن الكويت أضحت رابع دولة في العالم في عدد الوافدين، فقطر الأولى والثانية موناكو والثالثة الإمارات العربية، كما نشرت صحيفة الوطن نقلاً عن دراسة البنك الدولي.  

وإذا تركنا "موناكو" جانباً فهي ليست دولة بالمعنى الفعلي، فالكويت هي الثالثة إذ بلغت نسبة الوافدين 69 في المئة، بكلام آخر لو زادت هذه النسبة قليلاً فسيكون ثلثا السكان من الوافدين، فما هذه الدولة والدول التي تحيا على عمل الغير؟   

في دراسة للنائب عادل الصرعاوي عن التركيبة السكانية في الكويت جاء بها أن عدد الخادمات بلغ نصف مليون، وتشير هذه الدراسة وغيرها إلى أن العمالة الأجنبية تشكل أكثر من 90 في المئة في القطاع الخاص، والعكس صحيح في القطاع الحكومي، إذ يشكل المواطنون الأغلبية؟ هل لنا أن نتحدث بعد ذلك عن وجود بطالة حقيقية في الدولة، والقطاع الخاص يفضل الهندي أو الوافد بصورة عامة الذي يعمل بإنتاجية أكبر وبأجر أقل...؟ تحت مظلتي الرأسمالية والعولمة لا مكان للحديث عن الواجب الأخلاقي أو الوطني لإحلال العمالة الوطنية مكان الوافدة، فهناك واقع لابد من الإقرار به، مثل قلة الكفاءة عند العمالة الوطنية ورخص العمالة الوافدة، مع استعدادها لتقبل معظم المهن التي يترفع عنها المواطن... والرأسمالية لا تعرف غير لغة الأرقام والربح، ولا تنصت للمواعظ الأخلاقية.

هي كارثة نعمة النفط، التي خلقت واقع الأقلية الكويتية في وطنهم، وهي كارثة الفساد في تجارة الإقامات، وهي كارثة غياب الرؤية والتخطيط وغياب العزيمة عند الحكومات المتعاقبة، والحل لن يكون بغير التعليم وتوجيهه إلى الطريق الصحيح، ثم سن التشريعات التي تفرض العمالة الوطنية على القطاع الخاص، ولم يكن قانون دعم العمالة الوطنية كافياً يوماً ما... لكن هذا القهر والفرض على القطاع الخاص لن يكون ممكناً طالما غابت الكفاءة وتقديس العمل عند أهل الوطن.