بات انفصال جنوب السودان عن وسطه وشماله وغربه وشرقه وإقامة دولة مستقلة أو مستغلة فيه، لم يُعرف حتى الآن اسمها، مسألة أيام قليلة ولعل ما يجب الوقوف والتوقف عنده، ونحن نشاهد دولة عربية تتمزق وتتشظى على اعتبار أن الدور قد يأتي على دارفور إذا بقيت الأمور تسير على هذا النحو، هو من ذا الذي بدأ إشعال هذه الشرارة وأغرى جون غرنغ بالأموال والسلاح حتى يبدأ هذا المشوار الطويل الذي انتهى عند هذه المحطة الخطيرة؟!
وبالطبع فإن الذين لا يعرفون حقائق الأمور سيقولون إنه الإمبريالية الأميركية والحركة الصهيونية، والحقيقة أن هذا غير صحيح مع أن أميركا وإسرائيل قد ركبتا هذه الموجة لاحقاً وأصبحتا وكيل جون غرنغ بعد أن تكشفت أهمية الجنوب السوداني الاقتصادية والاستراتيجية وبخاصة بعد اكتشاف النفط على أطرافه بكميات كبيرة.فالحقيقة أن بذرة انقسام جنوب السودان كانت قد زُرعت هناك بأيدٍ عربية وأن أحد زعماء هذه الأمة، التي ابتليت بكثرة الزعماء النجباء والملهمين، قد بادر إلى احتضان جون غرنغ نكاية بالرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري بعد محاولة وحدوية فاشلة انتهت بانثقاب الدف وتفرق الخلان، وهكذا ومع الوقت أصبح هذا الجزء جرحاً نازفاً في الخاصرة السودانية إلى أن تراخت قبضة الحكم المركزي واضطر الرئيس عمر البشير إلى توقيع تلك الاتفاقية التي كانت بوابة هذه الدولة الجنوبية التي ستعلن بعد أيام .لا أسوأ من أن يصاب مسؤول، انتفخت جيوبه بالأموال التي كان يجب أن تنفق على تطوير بلده وتحسين أوضاع شعبه، بجنون العظمة وأن يلجأ نكاية بزميل له يحتل موقع رئيس دولة عربية مجاورة أو بعيدة إلى كل المحرمات القومية، وهذا ما حصل عندما رفض جعفر النميري أن يكون مطية لأحد الرؤساء العرب فكانت النتيجة أن تدفقت الدولارات على جون غرنغ، فكانت تلك النبتة الشيطانية التي قادت إلى هذا الانفصال الذي بات بمنزلة تحصيل الحاصل والذي قد يقود إلى انفصالات وتمزقات جديدة.لا شك في أن جون غرنغ، الذي قُتل بانفجار طائرة مروحية كان من المفترض أن تقله من أوغندا إلى الخرطوم، قد أصبح حصان الرهان وحصان طروادة لكل طامع في السودان وخيراته وبموقع جنوبه الاستراتيجي كأميركا وإسرائيل وبعض الدول المجاورة كأوغندا وتشاد وفي بعض الأحيان أثيوبيا، لكن البداية كانت بداية عربية "شقيقة".
أخر كلام
البداية كانت عربية !
08-12-2010