رحل الفنان الكبير غانم الصالح عن الدنيا في أحد مستشفيات لندن صباح أمس (19 أكتوبر 2010)، بعد أن انتقل إليه في العاشر من الشهر الجاري، لاستكمال علاجه بسحب الماء من رئتيه.
ساد الحزن بعد خبر وفاة الفنان الكبير غانم الصالح، سواء على صعيد الساحة الفنية أو على صعيد المحبة الكبيرة التي يكنها له كل متابعي أعماله، إذ أتحفهم بأسلوبه المتميز والمقدرة العالية على أداء شخصيات ونماذج درامية مختلفة، وتشهد له بذلك مكتبة وأرشيف الحركة الفنية في الكويت والخليج والعالم العربي.ولا ننسى هنا ذلك اللقب الفني الذي أطلقه عليه الفنان المصري الكبير نور الشريف وهو "الجوكر".الفنان الراحل غانم صالح الغوينم وشهرته الفنية غانم الصالح، من مواليد مدينة الكويت عام 1943 في منطقة صيهد العوازم قرب قصر السيف العامر.كان والده يمتلك بقالة كبيرة لبيع التمور والخز ومواد تموينية عديدة، متزوج منذ 1960 وله خمسة أبناء من بينهم صلاح (الابن الأكبر) وطلال وبسام.التحق بمدرسة المرقاب عام 1949، ووقف للمرة الأولى على خشبة المسرح عام 1952 ضمن نشاط المسرح المدرسي بمسرحية "سيدنا علي ابن أبي طالب"، وبعدها انتقل إلى مدرسة المباركية وكان من زملائه في تلك المرحلة الفنان القدير عبدالحسين عبدالرضا والراحل عبدالوهاب سلطان، فقدموا العديد من المواقف الكوميدية ضمن أنشطة فريق الكشافة، واخيراً انتقل إلى مدرسة حولي المتوسطة.ترك الراحل دراسته في عام 1959 وعمل سكرتيراً للجلسات في محكمة الاستئناف والقضايا، وتقاضى راتباً قدره 900 روبية.أسس الصالح عام 1962 مع رفاق دربه عبدالرحمن الضويحي وخالد النفيسي وعبدالوهاب سلطان وعبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج وحسين الصالح الدوسري ود. حسن يعقوب العلي وجعفر المؤمن وعدنان حسين، فرقة المسرح العربي التي تم انتخاب أول مجلس إدارة لها مكون من النفيسي وعبدالحسين والدوسري والفرج والراحل غانم الصالح.وقدم مع الفرقة أول أعمالها المسرحية باللغة العربية الفصحى تحت عنوان "صقر قريش"، تأليف محمد تيمور، إخراج زكي طليمات، أدى فيها الصالح دور "الأنوف"، ثم مسرحية "ابن جلا" لتيمور وطليمات بدور "الطبيب دياذوق"، وجسد دور "أمين السر" في "استارثوني وأنا حي" تأليف سعد الفرج وإخراج طليمات، ودور "أبي العطاء السندي" في "مضحك الخليفة" تأليف علي أحمد باكثير وإخراج طليمات.ثم شارك الصالح في المرحلة الثانية للفرقة التي قدمت فيها مسرحيات باللهجة الكويتية من إخراج حسين الصالح الدوسري، مؤدياً دور "فلاح" " شت وشفت" تأيف سعد الفرج، "الملا درويش" في "اغنم زمانك" تأيف عبدالحسين عبدالرضا، و"فوفو" في "الكويت سنة 2000" تأليف سعد الفرج، و"أبوصيحة" في "حط حليهم بينهم" تأليف سعد الفرج، و"مرزوق" في "القاضي راضي" من إعداد محمد جابر، و"أبو الطلايب" في "حط الطير طار الطير" تأليف عبدالأمير التركي، و"الملا" في "مطلوب زوج حالاً" إعداد عبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج، و"خردة شوف" في "عالم نساء ورجل" إعداد جعفر المؤمن، و"وليم" في "عايلة بوصعرورة" اعداد محمد جابر وإخراج عبدالأمير التركي، و"الإمبراطور في "إمبراطور يبحث عن وظيفة" تأليف سمير سرحان وإعداد وإخراج حسين الصالح الدوسري.وقد شارك الراحل في مجالس إدارات الفرقة عندما تحولت إلى فرقة أهلية في الأول من أكتوبر عام 1964 في المواسم 1965-1964، 1966-1965، 1967-1966، 1974-1973، 1975-1974، وفي عام 1978 أخذ إجازة تفرغ من الفرقة.مسارح أخرىولعل من أبرز أدواره المسرحية هو "قفه" في "علي جناح التبريزي وتابعه قفه"، تأليف ألفريد الفرج وإخراج صقر الرشود، قدمتها فرقة المسرح الأهلي وهي منتخب من المسارح الأهلية الأربعة.وشارك الصالح في عروض مع المسرح الخاص منها "أرض وقرض" و"الكرة مدورة"، "لولاكي 2" للمنتج والمؤلف محمد الرشود، ودوره "نهاش فتى الجبل" المتميز في مسرحية "باي باي لندن" و"فرسان المناخ" و"فرحة أمة" من انتاج مركز الفنون لعبدالحسين عبدالرضا، و"العزوبية" مع الفنانة حياة الفهد.كما قدم مشاركة متميزة مع الثنائي سعد الفرج وعبدالأمير التركي من خلال المسرح الكوميدي في "مضارب بني نفط"، "حرم سعادة الوزير"، "ممثل الشعب"، ومع مسرح السلام مع الفنان عبدالعزيز المسلم في"البيت المسكون"، وأنتج الراحل مسرحية واحدة بعنوان "بيت بوصالح" التي شارك فيها خالد النفيسي وعبدالعزيز النمش.تلفزيونأدى الراحل العديد من الأدوار المتميزة في الدراما التلفزيونية، أبرزها "كامل الأوصاف" في مسلسل الأطفال "الغرباء"، وفي دور البدوي في "محكمة الفريج"، وشكل ثلاثياً ناحجاً مع الفنانتين الرائعتين سعاد عبدالله وحياة الفهد في "خالتي قماشة" و"خرج ولم يعد" و"غداً تبدأ الحياة" و"رقية وسبيكة".وكذلك له دور رائع في مسلسل "الأقدار" مع عبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج، ومسلسل "حبابة" مع الراحلة مريم الغضبان، و"زمان الأسكافي"، ومع الفنان أحمد جوهر في"العضب" و"لاهوب" و"المنقسي"، ومع حياة الفهد في "الخراز"، كما شارك في دوبلاج مسلسلات الكرتونية مثل "زعتور" و"السبع المدهش".وكانت آخر أعماله التلفزيونية التي عرضت في رمضان الماضي "أيام الفرج" و"إخوان مريم" و"المنقسي".إذاعة وسينماومن أفلامه السينمائية "الفخ" إنتاج عام 1983 مع الفنانين محمد المنيع وجاسم النبهان، أما بالنسبة للإذاعة فله مشاركات كثيرة لعل أهمها "نافذة على التاريخ" و"نجوم القمة" و"الموسوعة الفقهية"، إلى جانب العديد من المسلسلات الاجتماعية والكوميدية.الفنانون يجمعون على أبوته وصدقه وخلقه الرفيع وفنه الراقيعبّر الفنانون في الكويت عن عميق حزنهم وأسفهم لوفاة الفنان غانم الصالح، مقدمين خالص العزاء في فقيد الساحة الفنية إلى أسرته، مشيرين إلى دماثة خلقه ونقاء سريرته.الفنان فؤاد الشطي رئيس مجلس إدارة فرقة المسرح العربي تلقى خبر وفاة غانم الصالح وهو في الأردن، وفي مهاتفة تلفونية قال بصوت باكٍ وحزين: "ماذا يقول المرء في هذه العجالة وهو يعيش لحظات تلقي هذا الخبر الفجيعة، فبالنسبة لي فقدت جزءاً من أجزاء جسدي وجزءاً من حياتي، كفنان واستاذ ورائد ومعلم، وستفقده شخصيات كثيرة وكذلك الساحة الفنية الكويتية والخليجية والعربية وكل محبيه في العالم، ونحن جميعاً سنفقد هذا الرجل النبيل في خلقه والكبير في عطائه الفني".وأنهى الشطي حديثه بالقول: "انا أعيش الآن في غربة وسأحاول ما أمكن العودة إلى الكويت للمشاركة في مراسم العزاء، وستكون لي وقفة مع هذا الرجل الكبير في القادم من الأيام". "إنا لله وإنا إليه راجعون".أما د. خالد عبداللطيف رمضان فقد أكد على خلق الراحل ومصداقية فنه بقوله: "يتميز الراحل بأنه فنان صادق يمتلك قدرات فنية عالية جداً، وتشهد له أعماله الدرامية التلفزيونية التي قدمها عبر تاريخه مثل مسلسل "الأقدار" و"خالتي قماشة"، وأيضاً الأعمال المسرحية الكثيرة مثل "علي جناح التبريزي وتابعه قفه" و"حرم سعادة الوزير" وغيرها".وأضاف د. رمضان: "وعلى المستوى الشخصي، يعتبر غانم الصالح وجهاً مشرفاً للعاملين في الوسط الفني لما يتميز به من خلق رفيع وعلاقات طيبة بزملائه وبالسيرة العطرة، فهو نموذج يحتذي به الشباب المنتسبون إلى الوسط الفني في التزامه الفني وأخلاقه وطيب سمعته، نسأل المولى الرحمة والمغفرة وأن يلهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان".وقالت الإعلامية القديرة أمل عبدالله: "الله يرحمه، إنه رجل ومثال للالتزام والخلق والإنسانية، لم أسمع أنه أساء لأحد أو اشتكى منه اي شخص سواء كان منتجاً أو مخرجاً، أقول وداعاً للالتزام والخلق الكريم والتضحية في سبيل الفن، فلم يهمه الأجر المادي بقدر ما يقدمه من عمل راقٍ، غانم من الشخصيات التي لا تعوض في تاريخ الفن، كان وسيظل وسيبقى علامة فارقة في الدراما الكويتية سواء في التراجيديا أو الكوميديا، فلا يضاهيه أحد، والله يلهم أسرته الصبر ويصبرنا نحن أيضاً".أما الفنان الكبير منصور المنصور فقد لخص كلامه بقوله: "كان نعم الأخ والصديق، وأقول إن الساحة الفنية بل الكويت كلها فقدت رائداً من رواد الفن في المسرح والتلفزيون والإذاعة، وأدعو الله أن يلهمنا جميعاً، زملاءه وإخوته وأهله الصبر والسلوان". الفنانة باسمة حمادة ألغت كل ارتباطاتها الفنية، حزناً على رحيله وقالت: "لم استطع مغادرة الكويت بعد سماعي خبر وفاته، فكيف أعمل وانا اعتبر طفلته المدللة، فقد جمعنا الكثير من الأعمال، وكان أباً حنوناً وصادقاً وفناناً قديراً، ويتدخل إذا كانت هناك خلافات بين الزملاء ليرطب الجو بذكر الله".وتابعت حمادة: "إنه كأب يقدر ويحترم أسرته من زوجة وأبناء، لقد رحل إنسان ليس عادياً بل ترك بصمة لن تنسى مثل الراحلين كاظم القلاف وكنعان حمد وعبدالرحمن المسلم وعلي المفيدي فبصماتهم دليل على رقيهم الفني والإنساني في التعامل، إنها نخبة كبيرة فقدناها نتمنى أن تكون لنا بصمة مثلهم". الفنان داود حسين في حديث عبر الهاتف من أبوظبي قال: "لا أنسى دوره كأب وصديق في بداياتي الفنية عبر مسرحية "باي باي لندن" حينما احتواني كممثل جديد على الساحة ولا أنسى نصائحه وارشاداته، تعلمت منه الكثير في أسلوب حياته وعمله الفني من حيث الالتزام في النواحي الفنية والانسانية والأسرية، فهو لا يرتبط بالديوانيات عند الانتهاء من شغله بل يذهب فوراً إلى منزله، كما أنه دقيق جداً في مواعيده فهو يأتي إلى العمل قبل ساعة على الأقل وعندما نأتي ونراه قد سبقنا نحرج منه، وأتذكر عند الأذان يوقف التصوير ليصلي ثم يعود الى العمل وهذا حصل أثناء تصوير مسلسلي "زارع الشر" و"الطير والعاصفة"، ولا يسعني القول عن هذا الفنان إلا أنه من أنقى وأنظف الفنانين، رحمك الله يا بوصلاح". أما د. شايع الشايع الذي تناول معه آخر عشاء في مقر المسرح العربي قبل أن يدخل المستشفى، قال بحزن: "لقد واظب الصالح على المجيء إلى المسرح العربي قبل شهر رمضان الماضي بصورة شبه يومية، وقد تناولت مع الراحل آخر وجبة عشاء في المسرح العربي، حيث أحضر لي "القطايف" لأنني احبها، وبعد الانتهاء من الوجبة قال لي إنه يشعر بألم في صدره، فذهب إلى منزله، وفي اليوم التالي دخل المستشفى، الراحل أصدق وأصلح الفنانين على المستوى العربي، إنه بالفعل اسم على مسمى غانم وصالح، أخلاقه عالية ورفيعة لم أسمع أي مفردة خاطئة تنطق من لسانه، إلى رحمة الله يا بوصلاح".جابر المبارك آخر شخصية قيادية تلتقي الصالح قبل وفاته في لندنمن منطلق حرص واهتمام النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك، على أبناء الكويت في شتى المجالات وأينما كانوا، قام خلال وجوده في العاصمة البريطانية، بزيارة للفنان القدير غانم الصالح قبل وفاته للاطمئنان على صحته، إذ كان آخر شخصية قيادية تلتقيه. وتقدم الشيخ جابر المبارك بأحر تعازيه إلى آل الفقيد، داعياً المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
توابل - مزاج
غانم الصالح يرحل عن الدنيا تاركاً كنزاً من أعماله الفنية الخالدة
20-10-2010