ليلة مع جمانة مراد!
وصلت إلى دبي لحضور حفل افتتاح قناة إم بي سي دراما» قبل موعد رحلتي المقررة, فاحتار موظفو فندق أرماني في تدبير غرفة لي وسط هذا الحشد الكبير من المدعوين والذين كان أغلبهم من نجوم الدراما من مختلف أنحاء الوطن العربي، فقرر أحد موظفي العلاقات العامة أن أسكن في «السويت» الذي كان مخصصا للفنانة جمانة مراد لأنها اعتذرت عن الحضور.
وفي غرفة جمانة مراد شعرت بأن المرايا تكاد تنطق فتقول: «يغير الله من حال إلى حال»، أما خزانة الملابس فما إن وضعت فيها «الغتر والطواقي» حتى شعرت أنها تنوح على إيقاع رائعة فوزي محسون التي جددها عبدالمجيد عبدالله: «يا عيني حظنا تعبان»!، أما السرير فكأنني سمعته يردد بيت نورة الحوشان: «اللي يبينا عيت النفس تبغيه... واللي نبي عيا البخت لا يجيبه».على أي حال كان حفل الافتتاح الذي أقيم في ساحة الفندق الذي يعتبر جزءا من برج خليفة رائعا بكل المقاييس، فقد حلّق الفنان محمد الجسمي بالحضور، وطار بهم طيرانا حتى أوصلهم قمة أعلى مبنى في العالم، وكانت الكلمة القصيرة لمالك مجموعة «إم بي سي» الشيخ وليد الإبراهيم مركزة ومؤثرة في هذا الحشد الكبير من صناع الدراما العربية، حيث أكد أن المشكلة الأساسية التي تواجه الدراما العربية اليوم هي ربطها بالموسم الرمضاني إلى درجة أن الكثير من المنتجين يضطرون أحيانا للتخلي عن شروط أساسية في العمل الدرامي من أجل اللحاق بالموسم الرمضاني، وأن وجود قنوات متخصصة في الدراما قد يساهم في حل هذه المشكلة التي تتفاقم عاما بعد آخر لأن عرض أكثر من 150 عملا دراميا في وقت واحد يحرق الكثير من الجهود والأفكار. في الليلة التالية وجه الإعلامي القدير محمد السنعوسي سؤالا إلى مجموعة من الفنانين السعوديين حول أسباب تردي الدراما الخليجية في السنوات الأخيرة من وجهة نظرهم كفنانين يعيشون في قلب الواقع الدرامي، فتنوعت الإجابات بين من يؤكد ضرورة وجود الأكاديميات المتخصصة ومن يؤكد أن مسألة الارتقاء في الدراما والأعمال الثقافية بشكل عام تحتاج إلى قرار سياسي، فالإرادة السياسية من شأنها أن تعطي الدراما مكانة لا تقل عن مكانة كرة القدم، واستشهد بعضهم بالتأثير الكبير الذي صنعته الدراما الكويتية قبل 30 عاما حين كانت جزءا من مشروع ثقافي سياسي متكامل، بينما أشار البعض إلى أن المشكلة تكمن في أجور النجوم، حيث إن النجم الواحد اليوم يستهلك ثلث ميزانية العمل الدرامي.وأرى أن المشكلة الكبرى التي لم يتم التطرق لها بوضوح في هذا الحوار الجميل هو أن الإنتاج الدرامي تحول إلى ما يشبه المقاولات بالباطن، حيث حضرت قبل سنوات مؤتمر المنتجين العرب في جدة، ووصلت أخبار الأعمال الدرامية التي اعتمدها التلفزيون السعودي في رمضان، فرأيت المنتجين السعوديين يباركون لبعضهم بعضا، ويتحدثون عن الملايين التي تم اعتمادها، فقال لي أحد المنتجين وهو صديق لي: «لماذا لم تبارك لي لقد حصلت على تعميد بثلاثة ملايين ريال؟»، فقلت له: «مبروك... وما العمل؟»، فأجاب: «تاريخي»، فسألت: «ممتاز... عن أي فترة تاريخية؟»، فالتفت إلي حانقا: «تراك ذبحتني... وش يدريني... أنا أخذت التعميد وسأسلمه لشركة في سورية»، فقلت: «طيب آخر سؤال: ألن تشاهده في رمضان؟»، فأجاب منهيا النقاش: «لا طبعا... هذه مهمة المشاهدين!».* كاتب سعودي