في المرمى: هذا ليس زمن الرجال
لم تكُن الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة بتغيير أعضاء مجلس إدارة الهيئة العامة للشباب والرياضة غريبةً عليها، ولم تأتِ بجديد فيها، بل على العكس تماماً فما قامت به الحكومة هو ديدنها منذ الأزل تجاه كل قضايا الإصلاح، بل إنها واصلت التمسك بموقفها غير المُعلَن بتحاشي ومحاولة التخلص من الرياضة وقوانينها منذ البداية، رغم أنها كانت تنفي ذلك على لسان جميع مسؤوليها، خصوصاً الوزراء الذين تعاقبوا على تولّي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل التي تقع تحت مسؤوليتها القضية الرياضية.لكن الحكومة بهذا الإجراء وبهذه الطريقة، وضعت مُلصقاً كبيراً على بابها، مفاده أن من يعمل بصدق وشرف ويتمسك بمبادئه والمصلحة العامة والقوانين الوطنية التي تهدف إلى الإصلاح، فإنها ستعمل على التخلص منه و"بهدلته"، بدلاً من الإبقاء عليه ومكافأته، فهو زمن المنافقين والأفّاقين والصبيان والفداوية، لا زمن الرجال والشرفاء وأصحاب المواقف الصلبة.
لقد سبق لنا في أكثر من مناسبة، أن أكدنا أن الحكومة لا تريد لمسار الرياضة أن يتعدل ولا تنوي أن تضع يدها في تحريك عجلة الإصلاح الرياضي، أو حتى أن تجبر من يحاولون الالتفاف ومخالفة القوانين على العودة عمّا هم عليه، وها هي تؤكد ذلك بل وتزيد بأنها تكافئهم بتلبية مطالبهم والخضوع لرغباتهم، إما خوفاً ومهادنةً أو تواطئاً واتفاقاً، والأمر سيان في الحالتين، لأنها خشيت أنيابهم التي لم ترَها عند نواب مجلس الأمة المنوط بهم متابعة تنفيذ القوانين وتطبيقها على الجميع، ومحاسبة الحكومة على ذلك إن هي تقاعست أو تخاذلت عن القيام بواجبها، فالحكومة بعد أن ارتاحت من مواقف النواب في الاستجوابات السابقة والقضايا الأخرى وتيقنت من عدم وجود أنياب لهم، "حطت راسها على مخدتها الريش" ونامت في العسل، ولم تعُد تخشى عضة إو حتى قرصة، تقض مضجعها وتقلب حساباتها تجاه من أعطوها الخيط والمخيط ووثقوا بوعودها وكلامها المعسول، على لسان وزير اتضح أن همَّ الكرسي ورضا من هو أعلى منه أهمُّ عنده من استقلال الشخصية وهيبة القانون، وصدّقوا "شوية سلاسل وأقفال" على أبواب اتحاد كرة القدم بأنها ستكون فاتحة لتطبيق ما تناسته أكثر من ثلاث سنوات. بنلتيعندما عيَّنت الهيئة العامة للشباب والرياضة اللجان الأولى لإدارة مجالس إدارات الأندية التي حلَّتها، تحرك بشكل غير بريء نائب رئيس الوزراء لشؤون التنمية الاقتصادية لتغيير تلك اللجان، وسعى إلى ذلك في كل الاتجاهات وعلى جميع الأصعدة، بحجة عدم حياديتها، ونجحت ضغوطه في تكليف موظفي الهيئة بإدارة تلك اللجان، واليوم قام رئيس اللجنة الأولمبية الكويتية المُعيَّن حكومياً بنفس الخطوات، ونجح أيضاً في تغيير أعضاء مجلس إدارة الهيئة، لكنه لم يسعَ إلى الحيادية التي كان يتحجج بها وجاء بقائمة جلُّها من لون واحد وطعم واحد، ولا أعتقد أن أحداً بغافل عما يريد، فهو في كل الحالات يريد مصلحة الشقيق الأصغر التي هي في النهاية مصلحته في السيطرة على الجسد الرياضي وأعضائه.