غريب أمر هذا الغرب معنا، فهو لا ينظر إلينا حتى في أحسن أحواله معنا إلا إلى مدى ما ننفعه أو نضره في ميدان المعارك التي يخوضها ضدنا وعلى أراضينا!

Ad

بالتأكيد أنكم سمعتم تصريحات الرئيس أوباما حول سيناريو حرق أحد القساوسة الأميركيين نسخا من القرآن الكريم, والذي قال فيه إن مثل هذا العمل سينعكس خطراً بالغاً على جنودنا في أفغانستان وباكستان, ومثله قال قائد القوات الأميركية في أفغانستان!

ليس وحده أوباما من ينظر إلينا بهذه العين بالطبع, بل هي نظرة أغلبية سياسييهم ورموزهم الفكرية أيضا! فنحن المسلمين بالنسبة لهم لسنا سوى مختبر أو حتى عينات في مختبر عنوانه العريض «الشرق الأوسط» الذي يكبرونه مرة، ويجددونه أخرى: وكثيراً ما يلصقون به التهم الجاهزة وعيونهم شاخصة على الدوام على ثرواته!

فأنا شخصياً ومن خلال متابعتي، أزعم بأن قصة القس الذي اكتفى الغربيون باتهامه بالشعوذة، إنما تقف وراءه نوايا ظلامية لأرباب سيناريو مفبرك في غرف الحرب الغربية الناعمة المفتوحة علينا منذ غزوة 11 سبتمبر الملغمة والمفخخة, الهدف منه استحضار خيار «الموت» ضدنا حتى نقبل بـ»السخونة» كما يقول المثل!

هم يعرفون تماماً كم نحن كأمة نقدس كتابنا السماوي هذا، وكيف أننا نعتبره يتعلق بالذات الإلهية ولا علاقة له بأي شخص أو مجموعة بشرية حاكمة كانت أو محكومة, وبالتالي فإن المس به مجرد المس إنما يمثل إعلان حرب مقدسة لا يعرف أحد حدودها, ولا علاقة لذلك بهذه القومية أو تلك، أو بهذه البقعة من جغرافية العالم الإسلامي أو تلك, ولا علاقة لها كذلك بهذا الطيف الفكري أو ذاك من أطياف الفكر الإسلامي!

الشيء نفسه يعني بالنسبة لنا عندما يتم التعرض لشخصية رسول الإسلام وخاتم الأنبياء محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا كان الأمر كذلك، وهو كذلك, فلماذا إذن لا نكاد ننتهي من سيناريو حتى ندخل في سيناريو جديد يذكرنا جميعا بذلك المشعوذ البريطاني الهندي الأصل المرتد سلمان رشدي، والذي لقي حماية ورعاية غربية شاملة من كل أنظمة الغرب ودون استثناء أم يظنون أننا نسينا؟!

الدليل على ما نقول هو تلك الرعاية والاحتفالية التي تجاسرت على إقامتها السيدة ميركل رئيسة ألمانيا للرسام الكاريكاتيري الدنماركي المشعوذ، والتي غابت عن أذهان الناس، أو اختفت عنهم في دهاليز سيناريو القس الأميركي المشعوذ!

والذريعة دوماً «حرية التعبير»، وهي تلك العبارة التي كان يفترض بها أن تكون قاعدة متقدمة للخلق والإبداع، فإذا بها تتحول بفعل فاعل غربي عنصري وعنجهي متعال إلى تلك العبارة الجاذبة لكل أنواع الجريمة والرذيلة.

إنها البيئة الحاضنة لكل سيناريوهات الحرب الناعمة ضد المسلمين وثقافتهم والتي يلعب فيها الغرب العنصري لعبته الابتزازية ضدنا, متقاسماً الأدوار بين من يتهمنا بالتشدد والإرهاب، ومَن يتهمنا بالرجعية والتخلف... والهدف دائماً واحد ألا وهو الهيمنة على مقدراتنا وثرواتنا من خلال لعبة الموت المفضلة لدى جنوده في ميادين القتال!

يكذب الغرب عموماً وأوباما أكثر من غيره عندما يصدر بيانات استنكار ضد مسلك هذا القس, لأنه لو كان صادقاً حقاً لما تركه يشعل الساحة هكذا ولأسابيع متواصلة دون أن يقدم على اتخاذ أي إجراء رادع ضد هذا المشعوذ الدجال!

فقط تصوروا لو أن فعلة كهذه كان يريد الإقدام عليها رجل ينتمي إلى المسلمين أو حتى مجرد أن تكون ملامحه «شرق أوسطية» كما يصفوننا أحيانا, ماذا كان سيحصل؟!

لقامت الدنيا ولن تقعد حتى يصبح الرجل في زنزاناتهم, ولأقدم ربما كبارهم قبل صغارهم على اتهامنا بالهمجية والإرهاب، فضلاً عن إمكان غزو إحدى عواصم بلادنا العربية أو الإسلامية بحجة أن خطراً داهماً يهدد أمنهم القومي!

ألم يحصل مثل هذا أكثر من مرة وضد أكثر من بلد، والحجة والذريعة هي مجرد تكهنات استخباراتية من صناعة عقول مطبخ الحرب الناعمة تبين فيما بعد أنها مفبركة لتحقيق أرباح شخصية وفئوية لمجموعة شركات تسلح وطاقة تابعة للدول الغربية الصناعية الكبرى, بشهادة شاهد من أهلها؟!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي الإيراني