اساءة الوطن واعتذار الخارجية

نشر في 25-08-2010
آخر تحديث 25-08-2010 | 00:01
 أحمد عيسى احتوت وزارة الخارجية بداية الأسبوع مشروع أزمة مغربية-كويتية بسبب برنامج بثته قناة «الوطن» التلفزيونية، اعتبرته الحكومة المغربية مساساً بشعبها وبنظامها الإداري.

وجاء عبر وكالة الأنباء الكويتية تصريح لمصدر مسؤول بوزارة الخارجية يؤكد فيه «أسف الوزارة الشديد لما بثته إحدى القنوات الفضائية في أحد برامجها والذي تسبب في إساءة للأشقاء في المملكة المغربية»، كما تعاملت إدارة قناة «الوطن» مع الموضوع بفروسية، وقدمت اعتذارها لما اعتبر مساساً، مشيرة إلى أنها لم تقصد الإساءة للمغرب بقدر تسليط الضوء على ممارسات الكويتيين بالخارج.

إلى هنا انتهت الأزمة، لكن السؤال، إلى متى سنبقى ندفع ثمن مغامرات وسوء تقدير وسائل الإعلام في ما يتعلق بمحوري المساس بالعلاقات الثنائية الرسمية للكويت مع دول العالم من جهة، والمساس بشعوب تلك الدول؟

منذ تحرير الكويت عام 1991، ونحن نتعرض بالسخرية والتندر للدول التي كان لها موقف سلبي خلال الغزو العراقي ومن شعوبها بالتبعية، وكان للعراقيين والفلسطينيين والأردنيين واليمنيين نصيب الأسد، كما أجاز الرقيب في ذلك الوقت، وهو موظف دولة رسمي، نصوصاً مسرحية احتوت ما يُعد بمعايير اليوم مساساً بالدول الصديقة وشعوبها، ووفقاً للمعايير نفسها لا يمكن إجازة نفس النصوص لو قدمت للعرض مجدداً بسبب ما تحتويه من إساءات بالغة.

ربما تكون حادثة قناة «الوطن» في إطارها العام مدعاة للبحث عميقاً في مسألة نظرة الكويتي للآخر، وما تحمله من علياء وغرور غير مبررين على الصعيد الإنساني، فنحن شعب يتندر ويوغل في التهكم على بقية الشعوب، بل إننا كرسنا نهجاً للتقليد طال ومس دولاً وشعوباً عديدة.

وحدث أيضاً وفقاً لذات السياق أن فلت العيار وسخرنا من عادات وتقاليد الشعوب الأخرى، وحدث أن قارنا بين سباق للكلاب وآخر للهجن في سبيل التندر على مذيع إماراتي، ومثله حينما اعتبرنا فن «القلطة» مباراة كرة قدم بين فريقي رويال مدريد وبرشلونة، وبينهما تمت الاستعانة بعدد من المعاقين والمتخلفين عقلياً لإمتاعنا بزلاتهم وقدراتهم المحدودة تحت مسمى الكوميديا الخفيفة.

وبعد هذا كله، وفي ظل الانفتاح الإعلامي الذي شهدته الكويت رأينا نكوصاً في التعاطي مع حرية الأفراد، وغاصت أعمال بالمحلية المفرطة، واتجه بعضها إلى محاربة الخصوم السياسيين والتشهير بهم تحت مسمى الإعلام الحر والهادف، وهو أبعد ما يكون عن ذلك، وحوّلت أعمال أخرى نواب إلى شخصيات هزيلة وكوميدية، بينما هم من يمارس الشعب دوره من خلالهم بالحكم، بموجب المادة السادسة من الدستور، ناهيك عن أن «عضو المجلس يمثل الأمة بأسرها» بموجب المادة (108) من الدستور.

أما على صعيد الدراما فقد تحولت الكويت بفضل بعض المسلسلات إلى ماخور كبير يرتاده الفاسدون والسحرة والمشعوذون، وأصبح الكويتيون مثالاً للخسة والنذالة والجشع، وهم الشعب الذي كان يكافح لانتزاع اللقمة الشريفة من عمق البحر دون أن يمد يده إلى الغير، فضاعت قيمنا ودخلنا في عالم قيمي جديد عنوانه تعميم الخاص والتركيز على الاستثناء تحت ذريعة الفن والمعالجة الدرامية، وتناسينا فيه من نحن وماذا قدمنا إلى العالم.

ما يزعج اليوم، أننا تغافلنا أهمية الإعلام في عرض قضايانا، وأهملنا دوره في تجسير الهوة بيننا والآخر، وتعاملنا معه وفقاً لبعد سطحي ساذج يستدر الضحك بشكل مثير للشفقة ويقدم نماذج سيئة للكويت، ويخلق صورة نمطية عن الكويتيين أبعد ما تكون عن الواقع، بدافع التنافس على غلّة الإعلان والحصول على أعلى نسب مشاهدة، وتحقيق مكاسب مادية على حساب هوية المجتمع، وسط غياب تام للدولة، وبعد كامل عن تطبيق القانون، بسبب قوة نفوذ ملاك وسائل الإعلام أو تراخي مسؤولي وزارة الإعلام، إن لم يكن بسبب كليهما.

على الهامش:

جاء في الفصل الثاني من اللائحة التنفيذية للقانون رقم (61) لسنة 2007 المتعلق بالإعلام المرئي والمسموع تحت باب إجازة المصنفات المرئية والمسموعة وتحديداً المادة (14) ما يلي: لا يجوز لمنشآت الإنتاج الفني بغير إجازة مسبقة من الوزارة القيام بأي عمل من الأعمال الآتية والمتعلقة بالمصنفات المرئية والمسموعة:

أولاً: تصويرها أو تسجيلها أو نسخها أو تحويلها بقصد الاستغلال.

ثانياً: عرضها أو بثها أو إذاعتها في مكان عام.

ثالثاً: توزيعها أو تأجيرها أو تداولها أو بيعها أو عرضها للبيع.

وسؤالي: هل أجازت وزارة الإعلام بحكم القانون مسلسل «يوميات بوقتادة وبونبيل» الذي تبثه قناة «الوطن» يومياً خلال شهر رمضان، بما فيه الحلقة التي أثارت استياء الحكومة المغربية.

back to top