تغييب الدولة برعاية... بعض النواب!

نشر في 24-09-2010 | 00:01
آخر تحديث 24-09-2010 | 00:01
 محمد راشد التناحر السياسي الذي تعيشه البلاد هذه الأيام لا يمكن أن يكون بهذا الحجم المخيف لو لم يكن هناك من يجيد العزف على أوتار الوطنية والمحافظة على أواصر الدين الإسلامي، وهي حجج وذرائع واهية لا تمت للحقيقة بأي صلة، خصوصا أن اللاعبين الأساسيين في "حفلة الرعب" هذه، هم بعض أعضاء مجلس الأمة الذين يحرصون على تسجيل موقف في كل شاردة وواردة وإن كان ذلك على حساب الوطن!

ولأن الوضع في البلاد بشكل عام لا يدعو إلى التفاؤل، فمن البديهي أن تشهد الأجواء العامة مزيداً من التصعيد على الصعد المختلفة، لاسيما أن الكل يرى نفسه على جادة الصواب والآخرون في "جهنم"، وهذه النظرية لا يمكن تغييبها أو إهمالها خصوصاً أنها متأصلة في مخيلة البعض، لكن ما يثير الاستغراب أن بعض نوابنا الأفاضل يسعون وبكل ما أوتوا من نفوذ إلى تغييب الدولة من خلال التعدي على القانون وتحدي مؤسسات الدولة بشكل سافر، وهم بذلك تناسوا دورهم الأساسي والرئيسي في المجتمع، إذ كان يفترض بهؤلاء "المراهقين سياسيا" أن يكونوا في مقدمة من يطالب بتنفيذ القانون وضرورة تغليب العقل والحكمة على العواطف التي ربما تقود الجميع بلا استثناء إلى هاوية يصعب الخروج منها.

لا يختلف اثنان على أن التأجيج من قبل البعض كان لأهداف خاصة لا علاقة لها بالحدث، وهذا يتضح جلياً من خلال تصعيد بعض الكتل السياسية التي وجدت في هذه الأزمة فرصة مواتية لفرد عضلاتها أمام قواعدها الانتخابية ورسم خريطتها على المشهد السياسي الكويتي من جديد عبر المبادرة بالتنديد والاستنكار والمطالبة بسحب الجنسية وغيرها من المطالبات التي تزيد من شعبيتها على فاتورة الشعب، كما أن بعض النواب سارع إلى إرسال تصريحات صحافية إلى الصحف بعد مرور أيام عدة على القضية، وكل ذلك بالطبع من أجل الوجود على الساحة السياسية المحلية وأمام الناخبين خوفاً من المحاسبة، وللأسف فإن الجميع يعلم أن كل هذه الأمور لا تصب في مصلحة الوطن الذي لايزال ينزف لكثرة الطعنات المتتالية التي يتلقاها من بعض أبنائه الذين يتهافتون على الوجود في الساحة الإعلامية، بغض النظر عن النتائج المأساوية لهذا التصعيد، لكن المؤكد أن الكتل المختلفة بادرت إلى ركوب قطار التصعيد ومخاطبة الناخبين ببيانات لا حصر لها لمنافع انتخابية!

الأمر البالغ الخطورة، أن بعض النواب غير مدرك لحقيقة الوضع الحالي، لاسيما أن هذا البعض يصر على تحدي القانون من خلال تمسكه بإقامة ندوة هنا وأخرى هناك، ولا شك أنه سيجد ردود فعل من الأطراف الأخرى التي ترى أنها تمتلك نفس الحق في إقامة ندوات مماثلة، ويستمر مسلسل الندوات لتزداد معه الضغينة بين أبناء الشعب الواحد، وتبلغ الفتنة أشد مراحلها بانتظار أي شرارة ولو عن طريق الخطأ، فعلى الجميع أن يعي ويدرك أن "الفزعة" التي نراها اليوم لن تكون محمودة العواقب، ولن يكتب لها النجاح لأنها وقتية ولمصالح شخصية انتخابية بحتة، وإلا أين هؤلاء من كثير من القوانين التي "هُتكت" على مرأى ومسمع منهم؟!

الإجابة بسهولة و"من الآخر"، لأن تلك القوانين لا تمثل أي أهمية أو أولوية لقواعدهم الانتخابية!

back to top