لتحقيق «المواطنة» في مجال الإعلام لا بد من مراجعة أساليب صياغة الرسائل الإعلامية، واختبار مدى نجاح المساعي في تعزيز جاذبيتها للمواطن، وبالتالي تأثيرها في السلوك الاجتماعي والسياسي، وهنا يبرز الدور المهم لوسائل الإعلام المرئية والإلكترونية التفاعلية المقروءة منها والمسموعة والمرئية, أقول ذلك بعد متابعتي للتداول الإعلامي للأحداث المؤسفة التي مررنا بها أخيرا، إذ لم يكن التداول الإعلامي لها كما ينبغي، فبعض القنوات ارتأت الاصطياد في الماء العكر وسعت إلى تحويل الخطاب الإعلامي إلى رسالة «شعبية»، وقامت باستضافة كل من يحترف الخطابة ويرتجي التلميع السياسي مستغلا الظروف الحالية، وقنوات أخرى اختارت الرسالة «الوطنية» لتفسير الأحداث، واستخدمت الكلمات الحماسية في تفسير الاصطفاف مع الاستجواب والمساءلة أو ضدهما.

Ad

ولن يختلف اثنان حول أهمية العودة إلى النقاط الرئيسة الخاصة بالمسار الإعلامي من خلال كلمات سمو الأمير عبر خطاباته الافتتاحية للبرلمان بقاعة عبدالله السالم، وأولها أشارت إلى ضرورة تحقيق المواطنة في الاستخدام الجيد لوسائل الإعلام وعدم استغلال أجواء الحرية في التطاول على الثوابت الوطنية، أما النقطة الثانية فقد تضمنت أهمية ترسيخ الثقة باستمرارية النهج التنموي للدولة، الأمر الذي يلقي على الرسالة الإعلامية عبئا آخر ألا وهو تكريس وتعزيز الثقة بالخطاب الرسمي التنموي.

واليوم نتساءل عن الخطة التنموية الجزئية والخاصة بتطوير القدرات البشرية في المجال الإعلامي، هل هناك نية لاستيعاب الطاقات الإعلامية الشابة؟ واستحداث برامج لصقل المواهب وتطوير العمل الإداري في المجال الإعلامي، ومنها إدارة المحطات التلفزيونية؟

ولو عدنا إلى السيناريو المطروح عام 2004، والذي اقتضى تنفيذ خطة «التفكيك» وتحويل الإعلام إلى هيئات مستقلة للإذاعة والتلفزيون، لوجدنا أنفسنا اليوم في مرحلة التأرجح بين أنماط إدارية متعددة، إما النمط المركزي في اتخاذ القرار واستعادة دور الدولة في الهيمنة على الإدارات الإعلامية وإما التفكيك واستحداث إدارات جزئية، وإسناد بعضها إلى القطاع الخاص، وعلينا في كلا الأمرين الاهتمام بالكفاءات الإدارية والإعلامية لصياغة الرسالة الإعلامية المنشودة وتحقيق المواطنة عبر وسائل الإعلام.

وعلى الصعيد التشريعي أيضا، غابت جهود أجهزة المجلس الإعلامية عن صياغة رسالة إما عبر موقع المجلس الإلكتروني وإما صحيفة الدستور الخاصة بالبرلمان لتوضيح مواقف الأعضاء والتكتلات بشكل موضوعي من الأحداث التي جرت أخيرا، فهل السبب يكمن في عدم التعاون بين الكتل البرلمانية والمجلس، أم قصور في المعلومات المتاحة؟ نحن بحاجة اليوم إلى تجديد البيئة الإدارية البرلمانية... فالتنظيمان الإداري والاستراتيجي مطلوبان لتنظيم رسائل الإعلام البرلمانية حتى تتحول خطابات النواب إلى لغة مقروءة ومفهومة. ولا تستدرج المقص الرقابي الذي قد يأتي عبر قوانين ردود الفعل الحكومية باتجاه المرئي والمسموع، ولو عدنا إلى جهودنا التنموية لأدركنا أهمية «تحديث الرؤى» تجاه الإعلام وتعزيز المواطنة من خلال استراتيجية محكمة.

كلمة أخيرة: نحن بحاجة إلى آليات جديدة لتقييم العمل الحكومي وآليات أخرى لتقييم العمل البرلماني... دون زعل!!

وكلمة أخرى: استضافت مؤسسة الكويت للتقدم العلمي قبل عدة أيام أساتذة جامعة هارفارد للمشاركة بأفكار ورؤى اقتصادية وتنموية، وأقول للدكتور علي الشملان شكراً... فقد حصلنا على جرعة علمية وثقافية مركزة.