الاغلبية الصامتة: الملا مكان الربعي والحربش مكان الدويلة
في عام 1985 قدّمت ثلاث كتل برلمانية استجواباً تاريخياً لوزير العدل الشيخ سلمان الدعيج الصباح بسبب قيام الوزير بصرف سندات لولده القاصر من صندوق صغار المستثمرين، ومثّل الكتل الثلاثة يومها نائب الإخوان المسلمين مبارك الدويلة وأحمد الربعي عن نواب التجمع الديمقراطي بزعامة الدكتور احمد الخطيب، وأخيراً حمد الجوعان عن نواب التجمع الوطني بزعامة العم جاسم القطامي، وانتهى ذلك الاستجواب باستقالة الوزير قبل موعد جلسة طرح الثقة بعد أن تلمست الحكومة وجود أغلبية نيابية لن تمنح وزيرها الثقة الكافية للاستمرار في منصبه.
وللعلم فإن الخطيب والقطامي كانا حاضرين في ذلك المجلس بصفتهما نائبين فيه، وقرار الاستجواب الثلاثي لم يخرج إلى النور من دون موافقتهما، بالإضافة إلى موافقة قيادة الإخوان، هنا نحن أمام استجواب ثقيل مغلظ وليس بيان مشترك للتجمعات السياسية أو مهرجان خطابي في العقيلة أو الأندلس، يعني غرفة مغلقة تضم الربعي اليساري مع الجوعان القومي مع «الإخونجي» الأصلي مبارك الدويلة على كنبة واحدة يأكلون ويشربون ويتسامرون لأجل إنجاز أوراق الاستجواب التاريخي الذي ظل علامة فارقة في التاريخ السياسي الكويتي كونه قدم لأحد أبناء الأسرة الحاكمة.يومها لم «يشتطّ» الحنابلة القوميون معتبرين أن التعامل السياسي مع الإسلاميين داخل البرلمان محرّم كونه يعطي المشروعية للقوى المناهضة للدستور، ولم يزايد الإخوان الماركسيون على ضرورة تقديم القوى التقدمية الطليعية استجوابها بصورة منفردة من دون «الإخوان» قياساً على كثرتهم العددية وقدرتهم على الحشد السياسي، بل الجميع أقر بحقيقة أن التغيير لن يحققه سوى الجميع بكل أطيافهم وفئاتهم ومكوناتهم.أعلم جيدا أن حزب «التبرير» سيعقد المقارنات بين هذا الزمن وذاك الزمان، ولكن الجوهر لم يتغير، وهو أن القوى التقدمية وضعت يدها بيد «الإخوان المسلمين» وكذلك مع مجموعة من النواب المستقلين من أبناء القبائل وغيرهم لأجل تحقيق المصلحة العامة، كما أعلم أن حزب «التبرير» سيركز على أكذوبة «جر» التكتل الشعبي لبقية الكتل لأجندته الخاصة، وبالذات كتلة العمل الوطني، متناسياً جريمة الصليبيخات التي وحدت الفرقاء وقرّبت المسافات، فليس بعد رفع العصا وسقوط الضحايا أي حياد أو تبرير سوى تزلف حزب «التبرير» وهروب المنتمين إليه من بعض النواب والكتّاب الليبراليين إلى ساحة عيوب المستجوبين للتغطية على كل الانتهاكات التي تقوم بها الحكومة هذه الأيام لتقييد حركة الرأي العام ووسائل التعبير. في الختام: يا سلفيو الليبرالية، ويا كرادلة الدستور، ها هو الزمن قد لفّ لفّته من جديد، فأتي الحربش مكان الدويلة، والملا مكان الربعي، والبراك مكان الجوعان، والأخيرة مررتها جوازاً قياساً بتشابه البراك والجوعان في صلابة المواقف، فمع أي الفريقين أنتم؟ مع الدستور الذي انتهك بالهراوات واقتحام حرمات المنازل؟ أم مع الحكومة التي لم تقدم على خطوة واحدة في محاربة الفساد وتوسيع دائرة الحريات العامة وتطبيق القوانين المعطلة؟هل ستقفون مع الاستجواب بشخص النائب صالح الملا وزميله عبدالرحمن العنجري الذي ضرب بالمطاعة، وأسيل العوضي التي أنطقها الله بالحق يوم أخرس الشيطان ألسنة البعض منكم؟ أم هل ستواصلون وهم التغيير الديمقراطي في برلمان كل نوابه ينتمون إلى المنبر الديمقراطي ومنتخبون في مجتمع ترتفع فيه رايات الوعي السياسي الثقافي والفكري؟!احلموا أيها الواهمون فليس بعد العصا حياد، ليس بعد العصا حياد.الفقرة الأخيرة: رحم الله وائل الصقر وأسكنه فسيح جناته.