بوخضور لـ الجريدة•: مديونية «الدولية للإجارة» 600 مليون دولار لكن أغلبية أصولنا حرة

نشر في 14-09-2010 | 00:01
آخر تحديث 14-09-2010 | 00:01
«عالجنا عجز عملائها عن السداد بشراء حصصهم في شركات أخرى ما أنتج أنشطة غير تشغيلية لها»
في أول لقاء صحافي بعد تعيينه رئيساً لمجلس إدارة الشركة الدولية للإجارة والاستثمار، أكد حجاج بوخضور أن أغلب مشاكل وأسباب تعثرات الشركات الكويتية خصوصاً الاستثمارية الإسلامية منها هي أسباب داخلية ترجع إلى سوء الإدارة، لكن الأغلبية العظمى من تلك الإدارات تلجأ إلى عمليات «التبرير» وخلق «أزمة أقنعة» في الشأن العام، لإسناد هذه التعثرات إلى الأزمة المالية العالمية، حتى لا تعترف بما ارتكبته من أخطاء وتجاوزات.

وقال بوخضور في لقائه مع «الجريدة» إن أسباب أزمة «الدولية للإجارة» ترجع إلى سوء إدارتها السابقة التي لجأت إلى خيارات أدت إلى خلق هذه التعثرات لدى الشركة، مضيفاً أنه عندما عجز بعض عملائها عن سداد التزاماتهم تجاهها اشترت حصصهم المملوكة في شركات أخرى كحل لهذه المشكلة، إلا أنها باتت بذلك تملك حصصاً في 14 شركة تابعة في غير نشاط الشركة نهائياً، ولا تملك الإدارة أي خبرة كفيلة بضمانها سير العمل بشكل طبيعي. وقال إن ملامح خطة إعادة هيكلة ديون الشركة البالغة 600 مليون دولار تقريباً توزعت على 3 فترات زمنية، الأولى وأبرز ما فيها إعادة السهم إلى التداول في البورصة بعد إعلان بيانات 2008 و2009 والاتفاق مع الجهات الدائنة قبل نهاية العام الحالي، وخلق الاستقرار ودعم نمو الشركة والتركيز على استعادة المكانة الرائدة للشركة في السوق. وتحدث بوخضور عن العديد من تفاصيل الوضع الحالي للشركة ونظرته للاقتصاد الكويتي بشكل عام، وفي ما يلي نص اللقاء:

• حدثنا عن وضع "الدولية للإجارة" الحالي، وما الأسباب الرئيسية لأزمة الشركة؟

حتى نبيّن الأخطاء التي وقعت فيها "الدولية" وانحرفت فيها كما هي حال كثير من الشركات الاستثمارية الإسلامية الأخرى، وإن اختلفت في سيناريو الانحراف، يجب أن نعترف بأنها تشترك جميعاً في أسباب مشتركة للوقوع في هذه الأخطاء رغم اختلاف إمكانات كل شركة عن الأخرى.

فعندما بدأت "الدولية" في التوسع وضرب الأمثلة الناجحة من خلال التمويل لكثير من العملاء الذين استثمروا في أنشطة اقتصادية متنوعة، كان التوسع من قبل الشركة في أنشطة ليس لها الحد الأدنى من الدراية في طبيعة ذلك النشاط، وعندما عجز بعض عملاء الشركة عن سداد مستحقاتها وقعت "الدولية" في مشكلة أخرى تمثلت في قيامها بالاستحواذ على شركة العميل أو حصصه المملوكة في شركات أخرى والمرهونة لديها، وبالتالي أصبحت مالكة لشركات أخرى لا تعلم عن طبيعة أنشطتها شيئاً، أي رسملة دين "الدولية" إلى حصص، ومعظم الشركات التي تمتلكها "الدولية" حالياً وربما يصل عددها إلى 14 شركة، لا تمتلك "الدولية" خبرة وكفاءة في طبيعة نشاط تلك الشركات، فكانت النتيجة الإجمالية أن الشركة دخلت في أنشطة غير تشغيلية ولا تملك الإدارة الخبرة الكافية لإدارتها، فأصبحت تحمل أصولاً متعثرة.

ملامح الهيكلة

• ما أبرز ملامح خطة تعديل أوضاع الشركة التي أعدها مجلس الإدارة الجديد؟

تنقسم إلى 3 فترات زمنية، الأولى تقع في المدى القريب وتحديداً مدة 90 يوماً ستعمل خلالها الإدارة على تقييم الوضع العام وتشخيصه وإعادة بناء أسس ومقومات للشركة ومعالجة الأولويات وتحديات النشاط بإزالة المخالفات، على سبيل المثال لا الحصر المخالفات التي رصدها تقرير وزارة التجارة والصناعة وتحفظات بنك الكويت المركزي ومن ثم اعتماد البيانات المالية للشركة لعامي 2008 و2009 من قبل "المركزي"، وبالتالي إعادة تداول سهم الشركة والاتفاق مع الدائنين ووضع خطة جيدة لإعادة هيكلة الشركة وديونها، وكل هذه الخطوات تتزامن مع بعضها خلال الفترة المذكورة.

المدى المتوسط للخطة ويتراوح من عام إلى عامين تقريباً، هو تحقيق استقرار وتدعيم وضع الشركة للنمو، أما المدى الطويل فيركز على استعادة مكانة الشركة السابقة في السوق المالي والاستثماري كشركة إسلامية رائدة.

• هل هناك خطة عمل تركز على تحقيق إيرادات للشركة خلال الفترة المقبلة؟

نعم وضعنا خطة قادرة على تحقيق الإيرادات، فمنذ عامين تقريباً وتحديداً عند تسلم الإدارة السابقة زمام الأمور لم يدخل أي إيراد يذكر للشركة، ووضعنا خطة عمل قادرة على تقوية الإيرادات والتدفقات النقدية اللازمة لخدمة ديون الشركة بعد إعادة هيكلتها، لأن خطة إعادة الهيكلة تعتمد على قدرتنا على تسديد الديون وفوائدها للجهات الدائنة خلال المدة المتفق عليها، والتأكد من الملاءة والقدرة المالية للشركة وبشكل يفي بالحد الأدنى من متطلبات الدائنين.

وما يبشر بأوضاع "الدولية" هي أنها تمتلك خصائص متميزة ربما تكون أفضل من الشركات الاستثمارية الإسلامية الأخرى، وهي ان أصول الشركة تعتبر أصولاً حرة في أغلبيتها على اعتبار أن أغلب ديون الشركة من غير ضمانات عينية، كما أن الحجم الحالي لديون الشركة مقارنة بالوضع الحالي للشركات الأخرى خلال الأزمة المالية معقول إلى حد ما، كما أنه من حسن الظن لا نمتلك محافظ أسهم مدرجة ضمن أصول الشركة كما هو بالحجم الكبير لدى الشركات الأخرى.

أولويات الإصلاح

• هل هناك من أولويات للفترة القادمة لعملية الإصلاح؟

تصويب ومعالجة المخالفات مع الجهات الرقابية "المركزي، إدارة البورصة، وزارة التجارة"، وكما أشرت سابقاً نعمل على أخذ الموافقات الرسمية للبيانات المالية للعامين الماضيين لإعادة تداول سهم الشركة قبل نهاية العام الحالي، كما نعمل على إزالة المخالفات المقدمة من "التجارة"، وتأتي بعدها عملية تقييم وضع الأصول والالتزامات وتقديم خطة للتعامل مع أصول الشركة ووضع مقترح لسداد خدمة الدين، وتطوير الخطة المالية للشركة متضمنةً الهيكلة الرأسمالية وجدولة التدفقات النقدية ومقترحات التمويل، وتطوير خطة عمل جديدة بما يتناسب مع الخطوة الأولى والثانية كما ذكرت سابقاً.

ونقوم الآن بمراجعة العقود والعمليات السابقة، كما قمنا بتشكيل فرق عمل تعمل على كل هذه الأولويات وتلتقي في ما بينها وتتشابك لدفع عجلة نمو الشركة ومعالجة تعثرها، وبالتالي فإنها ستقوم باطلاع مجلس الإدارة على التعامل مع معطيات النشاط اليومي لها، بعد أن تم تنفيذ وتفعيل السياسات واللوائح الداخلية للشركة، والعمل على تقييم أداء ممثلي الشركة في الشركات التابعة ووضعنا "حوكمة" معينة لمبادئ وأخلاق تمثيل "الدولية" في شركاتها التابعة وتطبيقه حتى على أعضاء مجلس إدارة "الدولية" نفسها، بما يضمن عدم حدوث انحراف عن الأهداف الرئيسية.

  وتخفيض التكاليف وحصر المخالفات ومعالجتها والتحقيق بالمستندات المفقودة ومتابعة تثبيت الأصول وتعزيزها، نظراً لوجود أصول تابعة لكن تثبيتها في ملكية الشركة لم يتم، رغم أنها أصول كبيرة جداً.

• ماذا عن الصفقات البينية التي أشرت إليها في تصريح سابق لك؟

أنشأنا لجاناً لمتابعة الصفقات البينية التي تمت خلال الفترة الماضية وهي صفقات مشبوهة وكبيرة جداً، ولم تتم على أسس وجدوى اقتصادية صحيحة، وإنما تمت لعمليات المضاربة وتجميل ميزانيات بعض الشركات الإسلامية الأخرى، وهنا يأتي اللوم على ملاّك هذه الشركات.

ما يجري في ما وقع في هذه الصفقات البينية التي سنكشفها لاحقاً، والتي كشفتها وسببتها في استقالتي السابقة في شركة الشبكة القابضة، وركزت على توضيح ما يجري في "الشبكة" و"الدولية" وأرسلتها إلى الجهات الرقابية وتحديداً "التجارة" وإدارة البورصة ومراقبي الحسابات الذين ضغطت عليهم وقتها لتفعيل دورهم، إذ إن المدققين الخارجيين لم يكن تأثيرهم بالقدر المطلوب وإن لم يرتكبوا أخطاء إلا أنهم لم يقوموا بدورهم التحذيري والتنبيهي المطلوب.

• كم يبلغ حجم الديون المستحقة على الشركة؟

ما يقارب 600 مليون دولار، لبعض البنوك والشركات الاستثمارية محلية وخارجية، ونعمل حالياً على حجم الأصول التابعة لنا وتقييمها وفق السعر العادل لها.

صناديق البنى التحتية

• هل يمكن أن نرى بعد تعديل أوضاع "الدولية للإجارة" دخولها في مشاريع خطة التنمية؟

نحن نعمل الآن على إدارة أو إنشاء صناديق ما تسمى بصناديق البنى التحتية، وهي أحد الأمور التي نريدها أن تساعدنا في إرجاع الشركة إلى نصابها الصحيح عبر خلق تدفقات نقدية مجزية جديدة، ونقدم من خلالها النماذج والخدمات الإسلامية الاستثمارية المناسبة لنا.

العمل جار على تأسيس هذه الصناديق نظراً لأنها ضمن الخطوات المتوازنة الموضوعة من قبل الإدارة الجديدة، وكما ذكرت سابقاً نحن نعول الآن على البنك الإسلامي للتنمية، ونحاول حالياً بشكل أكبر تثبيت أصولنا المملوكة ومن ثم تسويقها، فلدينا على سبيل المثال مشروع عقاري ضخم يصل رأسماله في حدود المليار دولار تقريباً في الفجيرة بالإمارات مقارب لمشروع النخلة في دبي، ومتوقف عن العمل منذ عامين وما نسعى إليه الآن إعادة العمل في تنفيذه، لأننا دفعنا ما يقارب 110 ملايين دولار من رأسماله وسنقوم بإعادة هيكلة المتبقي لاستكماله وتثبيته رسمياً للشركة والبدء بتنفيذه عن طريق طرحه لمطورين ومساهمين لتطويره.

• حدثنا عن مفاوضاتكم مع الجهات الدائنة؟

مفاوضاتنا مع الدائنين بدأت، ووضعنا التصور الأولي والسيناريوهات المقترحة لخطط إعادة هيكلة الديون، لكنها تعتمد على ما يناسب توجهات الدائنين وقدرة المساهمين عليها، وهنا تأتي مهمة الإدارة الحالية للتوفيق بين هذه الأطراف للوصول إلى نتيجة في مصلحة الجميع.

أزمة أقنعة

• ما نظرتك إلى الاقتصاد الكويتي بشكل عام حالياً؟

اهتمامي بالشأن العام يحتم علي اهتمامي بالقيم التي يسود بها الأداء الاقتصادي، والنهج الذي تعمل به المؤسسات الكويتية. أصبح المجتمع يعاني الآن "أزمة أقنعة"، وأعني بذلك أنه بدأ يميل إلى قيمة اتخاذ القرارات على أساس التوقعات وليس اليقين، فيقوم بوضع قناع المتفائل ليقع في شباك المتشائم والإحباط ويحاول من خلال حيل نفسية أن يخرج من هذا التشاؤم إلى مزيد من الخسائر، كما أنه للأسف أغلب إدارات الشركات والمسؤولين عليها يتعاملون مع حيلة التبرير، بأن هذه الأخطاء بسبب الأزمة المالية أو بسبب أمور أخرى عامة، وهي كما أوضحنا سابقاً أنها بسبب سوء إدارة الشركة، وبالتالي بدأت تتعزز حيل التبرير اتهام الغير في المجتمع، وهذه بالتأكيد ستكلفنا أكثر من الـ40 مليار دينار التي خسرناها في انهيارات البورصة في العامين الماضيين.

الآن نسمع استمرار خروج مسؤولي شركات في الجمعيات العمومية ويرمون أسباب خسائر شركاتهم إلى الأزمة العالمية، فلماذا اللجوء إلى حيل التبرير وعدم الاعتراف بالحقيقة؟ ليس للأزمة المالية العالمية علاقة بنا، ممارستنا أغلبيتها خاطئة.

أمثلة على سوء الإدارة

• للأسف، معظم القرارات الإدارية والاستثمارية كانت تصدر من إدارة الشركة "شفوياً" وليست كما هو متبع بكتب رسمية، ولم يكن هناك سجل عام في كل وارد وصادر للشركة، فجميع أوامر وتحركات الملايين كانت تتم بطريقة شفوية وعبر الهاتف، فالإدارة التنفيذية السابقة لم تكن موجودة في الكويت طوال الفترة الماضية.

• التداولات الأخيرة للشركة كانت تركز في الدقائق الأخيرة على سهمين فقط هما "الأبراج" و"الشبكة" وبمبالغ تصل إلى 40 و50 مليون دينار، فقط من أجل عملية تصعيد وهمي لأسعار تلك الأسهم، وبالتالي أضروا من خلالها صغار المساهمين.

•    الأزمة في الكويت لا تتعلق بالأزمة المالية العالمية، وكما رأينا نموذج "الدولية" يكرس مبدأ أن الأزمات داخلية وناتجة عن أخطاء إدارات الشركات نفسها، وإدارة البورصة كان لها دور في وقوع هذه الممارسات.

ضغوط للتصفية

أشار بوخضور إلى أن هناك ضغوطاً كبيرة لتصفية "الدولية للإجارة"، لدفن الممارسات غير القانونية التي تمت في الشركة من صفقات بينية ووهمية، مضيفاً: "اننا لن نسكت في كشف ملابسات "الناقلات " في 1982 وكشف التجاوزات التي وقعت في الاستثمارات الخارجية وكشف الاختلاسات في ما يسمى بمشروع الطوارئ بعد الغزو العراقي الغاشم، وأعني بذلك التجاوزات التي وقعت في "الموانئ" والتي أخذت طريقها إلى المحاكم جميعاً وصدرت بحقها أحكام قضائية، وأُطمئن المساهمين بأنني لن أسكت لهذه الضغوط، لأن تفاصيل إدارة الصفقات المشبوهة في الشركة ستبين كيفية إدارة الصفقات الكبيرة في الكويت، بنفس البصمة الإجرامية ونفس السيناريو وسنكشفها واحدةً تلو الأخرى من خلال القضاء العادل.

back to top