بعد وصول المرأة الكويتية إلى البرلمان وطي صفحة جديدة من صفحات المطالبة بالحقوق السياسية للمرأة، تحول مسار الإصلاح من السياسة إلى التنمية، إذ أصبح حديث التنمية الشغل الشاغل بمحاوره المتعددة, وأحدثها المحور الإسكاني الذي جمع الجهد النيابي من أعضاء اللجان البرلمانية المتخصصة والفريق الحكومي، لطبخ الحقوق الإسكانية للمرأة الكويتية، التي تمس مستقبل فئات عديدة من النساء كالمتزوجات من غير الكويتي, والأرامل, والمطلقات والشريحة «المنسية» من المجتمع الكويتي، وهي المرأة التي لم تسنح لها الفرصة للزواج وتكوين أسرة, والتي بالمناسبة يعتبرها سوق العمل ذات الإنتاجية العالية. 

Ad

وبغض النظر عن التشكيك البرلماني المستمر في كل مجهود حكومي، والتصدي النيابي لكل فرصة تجارية يلتقطها القطاع الخاص, فثمار الجهود المبذولة تسجل للنواب أعضاء لجنة الإسكان رجالاً ونساءً. 

وعودة إلى الحديث التنموي، فلا يخفى على أحد حاجتنا إلى الانطلاق في اتجاه التنمية والنمو الاقتصادي, ولم نكن يوماً أوفر حظاً من دول العالم الثالث أو أقل حاجة إلى التخطيط السليم، ولكن من الواضح أخيراً اختلاط مفاهيم التنمية بالنمو الاقتصادي. 

وليس ذلك بغريب في ظل غياب الاعتماد على مؤشرات واضحة لتحديد مدى احتياجاتنا إلى توظيف الجهود التنموية، ولكن لماذا لا نبحث عن نموذج لنقتدي به؟ فالمفاهيم الغربية للتنمية مازالت ترتكز على نماذج الدول المتقدمة التي يمثل النمو بالنسبة إليها عملية هادفة إلى خلق طاقة تؤدي إلى تزايد مستمر في متوسط الدخل الحقيقي للفرد بشكل منتظم لفترة طويلة من الزمن. 

أما في ما يخص التنمية بالمفاهيم التي تناسب العالم الثالث، فنجد أنها تدخل في إطار الاهتمام بالتحولات الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق المستوى من الحياة الكريمة للأغلبية من أفراد المجتمع, وانطلاق مشاريع عديدة لمواجهة وعلاج قضايا عديدة كالحد من الفقر، والحق في الحصول على أفضل الخدمات الصحية والتعليمية، والحق في الانتخاب والتمثيل العادل، والمشاركة في اتخاذ القرار، ومن ذلك المنطلق جاءت مشاريع تمكين المرأة من الحقوق السياسية والمشاركة الفعالة في الوظائف العامة والقيادية. ولو تابعنا الجهود التنموية في منطقة الخليج لوجدنا أنها اتسمت «بتحديث الرؤى»، إذ طورت دول الخليج رؤاها التنموية وربطتها بمفاهيم التمكين والمشاركة وبروز النظام العالمي الجديد والعولمة وانعكاساتها على الصعيد الداخلي. 

واليوم تستقطب قضية التمكين العديد من المهتمين بمرجعية المواثيق الدولية كاتفاقية المناهضة ضد كل أشكال العنف والتمييز ضد المرأة «السيداو 1979»، وإعلان «بكين 1995»، غير متناسين الخصوصية التاريخية والثقافية للقضايا. 

فمجهود تمكين النساء بدأ منذ أوائل الستينيات في سعي المرأة إلى الحصول على مقاعد دراسية لنيل الدرجات العلمية وتولي المناصب الإدارية في الحكومة والقطاع الخاص وقيادة التجارة والمساهمة في الحراك التجاري والمالي... ما سبق أخي القارئ لم يكن إلا «دردشة» في التنمية... وفي مقالات قادمة سنعرج على أساليب قياس فعالية المشاريع التنموية. 

كلمة أخيرة 

ماذا لو... قام فريق نسائي ممن يتمتعن بالكفاءة التي «تلفظها» الإدارة الحكومية باسم «التقاعد المبكر», وتستثنيها الخدمة المدنية بحجة قدسية المناصب الإشرافية... ماذا لو تسلم ذلك الفريق وزارة الشؤون أو البلدية أو غيرهما... وطبّق قانون الانتفاضة الإدارية الإيجابية؟