يا قوم لا تفزعوا فالنواب الإيطاليون «يتحاذفون» بالكراسي، والنواب اليابانيون «يتخانقون كراتيه» لأسباب تتعلق بالفساد السياسي والمالي ومستقبل أوطانهم، وإن أردتم الفزع والهلع فابحثوا في أسباب الشحن الطائفي التي أفسدت الصدور ولوثت العقول، وجعلت من الشماغ الأحمر قضية وترهات «مخابيل» لندن يوماً كيوم القادسية وحطين. يا قوم لا تفزعوا، ولا حاجة لنصب سرادق عزاءٍ للديمقراطية الكويتية؛ لأن مجموعة من نواب الإسلام السياسي، ومعهم ثلة من حراس العقيدة الصحيحة، تنادوا للجهاد تحت «حلبة» عبدالله السالم بعد أن «طبخوا» البلد لأشهر، وأعلنوها في أكثر من مناسبة أن «العصا التي يحملونها هي لضرب رؤوس التكفيريين» و»الأقلية يجب أن تخضع لمذهب الأغلبية»!
ما حصل في الأمس من كوميديا سوداء لا يستدعي الكثير من الأسى، لأن البلاء عاد إلى أصحابه، وانحصر فيما بينهم، فمن شاركوا في المصارعة الحرة هم أنفسهم من اعتادوا إطلاق التصريحات الطائفية بعد مغيب الشمس، نقول ذلك لأن العادة جرت أن من «يفخخون» عقول الشباب بالأفكار المتطرفة ويضللون وعي «الشياب» بأن الدين في خطر، دائما ما نراهم يعيشون طويلا ولا يشاركون في الحروب التي يدعون إليها، لذلك عندما أرى كمراقب صناع الفتنة يحترقون بنارها فإني أعتبر ذلك شيئا نادرا.لقد كنت أعد العدة لأسجل موقفي الإنساني من قضية المحتجزين الكويتيين في غوانتنامو، وهو نفسه الموضوع الذي فجّر المساجلات الفكرية بين نواب الحوزة البرلمانية، فالوقت بات أكثر ملاءمة للتفاعل معه بعيداً عن سوء المنقلب لبعض الوزراء الجدد، وسوء المنعرج للحكومة التي حفرت لنفسها هوّة جديدة، إلا أن أحداث «العركة» النيابية نسجت كلماتها فوق كلماتي، فخرج المقال بهذا التسلسل رغما عني.هناك إيمان راسخ لدي بأن من يتخذ قراراً ما فإن عليه تحمل تبعاته وحده، ولا يحق له أو لغيره إشغال الآخرين بعواقب عبثه أو سوء تقديره، وهذا الرأي ينطبق على من يريد الذهاب إلى أي مكان في العالم لحفر الآبار أو القبور أو حتى الدراسة على حسابه الخاص في بلد غارق بالجريمة بلا عقاب، وأعتقد بعد عشر سنوات من الاحتجاز لاثنين من الكويتيين في معسكر غوانتنامو دون توجيه أي تهمة إليهما، وبعد توقيع الرئيس أوباما قراره المسرحي في أول يوم عمل له بإغلاق ذلك المعتقل، لم يعد هناك سبب لبقاء ذلك الوضع إلى ما لا نهاية.وقد بنيت رأيي هذا على ثلاث ركائز أساسية: أولها أن الجدوى المعلوماتية المتوخاة من المعتقلين، فقدت ميزتها لانقطاعهم عن مجريات الأحداث لفترة طويلة، ثانيا خسر المعتقلون ميزة سرية هوياتهم التي تتيح لهم حرية التنقل، وأخيرا طالما أن واشنطن غير متأكدة تماما من ضلوع المعتقلين الكويتيين في عمليات عسكرية ضدها فليس أمامها غير إعادتهم إلى بلدهم الأصلي كما فعلت مع زملائهم الكويتيين السابقين، والاكتفاء بالمدة التي احتجزوا فيها كعقوبة، وهنا تهمني الإشارة إلى أن أوضاع بقية المعتقلين في غوانتنامو لا أعلم عنها الكثير، ولا أملك غير المطالبة بحصولهم على محاكمة عادلة؛ لأن المطالبة بإعادتهم إلى أوطانهم قد تعني المطالبة بإعدامهم.في الختام أقول مرة ثانية يا قوم لا تفزعوا فالنواب الإيطاليون «يتحاذفون» بالكراسي، والنواب اليابانيون «يتخانقون كراتيه» لأسباب تتعلق بالفساد السياسي والمالي ومستقبل أوطانهم، وإن أردتم الفزع والهلع فابحثوا في أسباب الشحن الطائفي التي أفسدت الصدور ولوثت العقول، وجعلت من الشماغ الأحمر قضية وترهات «مخابيل» لندن يوماً كيوم القادسية وحطين.***الفقرة الأخيرة: لكل «خناقة» حساباتها، وعندما يتبين أن الكفة لغير مصلحتي أتملص فورا، لذلك أسأل: من يجرؤ على مواجهة النائب فلاح الصواغ؟
مقالات
الاغلبية الصامتة: حلبة عبدالله السالم
19-05-2011