الرك على المجدمي

نشر في 08-09-2010
آخر تحديث 08-09-2010 | 00:01
 أحمد عيسى بث تلفزيون الكويت مطلع الأسبوع مقابلة حصرية مع رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، تطرق خلالها إلى مواضيع عدة طالما كانت معلقة في ذهن المراقبين للشأن السياسي كما المواطنين.

المقابلة المتلفزة بثت خلال العشر الآواخر من شهر رمضان وبعد خطاب سمو أمير البلاد السنوي، وفتحت مجالاً للنقاش، ونشرت الصحف المحلية تفريغها الحرفي، فيما تناولتها أربع صحف (السياسة- الأنباء- الجريدة- الشاهد) بافتتاحيات خاصة، ونقلتها عن تلفزيون الكويت مباشرة خلال بثها محطات «سكوب» و»العدالة» و»الصباح» المحلية.

مدير الأخبار بوزارة الإعلام عبد الحكيم السبتي لم يقرر من تلقاء نفسه الالتقاء برئيس مجلس الوزراء وبث مقابلته على تلفزيون الدولة الرسمي دون إذن مسبق، مثلما لم يفاجأ بها رئيس الوزراء أو طاقم مكتبه، على الأقل من باب التصريح لطاقم التصوير بدخول مكتب رئيس الوزراء.

اللقاء بمحتواه تضمن جملة مسائل، منها لجوء رئيس الوزراء للقضاء بمواجهة خصومه حفظاً لكرامته، ودفاعه عن الدستور، وصعوده إلى منصة الاستجواب بحثاً عن أغلبية نيابية وليس دعما نيابيا، وأيضا أكد أن القانون سيطبق على الجميع دون استثناء، واعترف بوجود أخطاء للحكومة وأشار إلى أنها تتراجع عنها ولا تكابر، وجميعها معطيات تكشف أفقاً جديداً لتعاطي رئيس الوزراء مع مسؤولياته ومهامه.

كمواطن تمنيت أن تتسم المقابلة بمزيد من الصراحة والشفافية، أكثر من كونها مقابلة بروتوكولية تفسر على أنها تلميع للضيف وتضفي مسحة أبوية على شخصيته الرسمية، فهناك أسئلة وملاحظأت لم تطرح حول أدائه كرئيس لمجلس الوزراء الكويتي منذ فبراير 2006 حتى الآن، من بينها سبب استمرار الأزمة الرياضية 3 أعوام دون حل، وتأخر إنشاء وإنجاز مستشفى واستاد جابر، وإشكالية إقرار الحكومة خطة بـ30 مليار دينار ثم ظهور معضلة تمويلها وآلياته بعد ستة أشهر من اعتمادها، وبواعث تعطل تسمية الحكومة رئيس هيئة سوق المال بعد مضي شهرين على الموعد النهائي لتسميته بحسب القانون، وما انتهى إليه التحقيق بمنح الجنسية الكويتية لغير مستحقيها، وتناقض تصريحات الوزراء مع الواقع وكيفية التعامل معها، وهي حالة تكررت مع وزير المواصلات حول البدء باحتساب مكالمات الهاتف النقال بالثانية بدلاً من الدقيقة اعتباراً من بداية الشهر الجاري، وهو ما لم يتم حتى الآن، وكذلك وزير المالية حول صرف رواتب الموظفين قبل دخول شهر رمضان.

تطرق رئيس الوزراء خلال المقابلة إلى وسائل الإعلام، وطالبها بعدم الالتفات إلى مثيري الفتن، وهي ذات المسألة التي توقف أمامها سمو الأمير في خطابه الأسبوع الماضي، لكننا لم نجد الحكومة تطبق القانون أو تخطو نحو تطبيقه، خصوصاً مع وسائل إعلام تعدت إثارة الفتنة الطائفية محلياً، وانطلقت إلى العالمية بمسها علاقات الكويت الخارجية، ما أوحى بأنها أمست أكبر من الحكومة وأصبحت فوق الدولة.

إذا تعاملنا مع مقابلة رئيس الوزراء بوصفها سنّة جديدة على عملنا السياسي، وأحد معالم الكويت الجديدة، يجب أن ينتبه مستشاروه إلى ملاحظات ظهوره الأول، والعمل على تفاديها مستقبلاً ليتحقق الهدف منها، ومنها الإجابة عن الأسئلة العالقة، إلا إذا كانوا يقصدون تلميعه دون التركيز على ما يقول، وهو ما نربأ به عن الرئيس ومستشاريه وتلفزيون الدولة الرسمي.

على الهامش

أعجبني تركيز رئيس الوزراء على أن «المركب ما يمشي الا بتعاون البحرية كلهم»، في إشارته إلى ضرورة تعاون الوزراء والنواب للنهوض بالبلد، لكن «هم الرك على المجدمي».

* «المجدمي»: رئيس طاقم البحارة على السفينة، حسب لغة أهل البحر، المنوط به الإشراف على البحارة وتنفيذ تعليمات النوخذة.

back to top