2011... نذير شؤم للرؤساء العرب!
ما يشهده العالم العربي هذه الأيام أمر غريب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فموجة الاحتجاجات أو المظاهرات أو الثورات التي تسير بسرعة قصوى من بلد إلى آخر تؤكد أن 2011 سيكون عاماً زاخراً بالأحداث التي لم تكن يوماً في حسبان أشد الناس تشاؤماً، خصوصا أن منظر الأنظمة العربية وهي تتساقط يبرهن على أن المسلسل لايزال في حلقاته الأولى، والحبل على الجرار!ما يثير الدهشة في هذا الموضوع ليس سقوط بعض الزعماء فقط، بل تكرار السيناريو نفسه مع أكثر من رئيس، فهذه الانقلابات الشبابية- إن صحت التسمية- تبدأ بمسيرة سلمية تطالب بحقوق أقرتها الأعراف الإنسانية والدولية، فيضطر هذا النظام أو ذاك إلى الإعلان الفوري عن البدء بإصلاحات وتغييرات جذرية تطول بعض الوزراء «ككبش فداء»، وربما يعاد تشكيل الحكومة بأكملها من جديد، لكن ذلك لن يجدي نفعاً، فالقطار ركب السكة، وشيئاً فشيئاً تزداد أعداد المحتجين وتتطور المسيرات إلى صدامات بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب، لترتفع بعدها الأصوات بالأنشودة الجديدة «الشعب يريد إسقاط النظام»، يقع على إثرها عدد من القتلى والجرحى، فتتسارع الأحداث وترتفع سخونة الأوضاع، ويعلن الرئيس أو الزعيم نيته توجيه كلمة إلى شعبه، وأيضا لن يكون لهذه الكلمات المتأخرة أي فائدة، فبعدها مباشرة يشاهد العالم لقطات لم يكن يتوقعها يوماً، خصوصاً في ما يتعلق بصور الرئيس المنتشرة في الشوارع والجسور والمباني الحكومية المختلفة!
وعلى الرغم من تكرار الأحداث أمام أعين الرؤساء العرب خلال فترة قريبة، فإن كثيراً منهم لم يتعظ على ما يبدو ممن طوتهم صفحات التاريخ بلمح البصر، فبعض الأنظمة تغمض عينيها وتضع رأسها في الرمال على أمل أن تجتازها الأمواج العاصفة، باعتبار أن الأمور «عال العال»، وكل شيء تحت السيطرة، فتجد نفسها دون مقدمات في دوامة الاحتجاجات التي يصعب الخروج منها بسهولة، لتبدأ بعدها الإعلانات الحكومية عن جملة من الإصلاحات الدستورية والمعيشية وتوفير فرص عمل للشباب العربي «المظلوم»، وكأن هذه الأنظمة لا تعلم عن معاناة شعوبها المستمرة منذ عقود.فأين كانت تلك الإصلاحات وتحسين الظروف المعيشية للأسر قبل وقوع الفأس في الرأس؟ ألم يكن من الأجدر أن يبادر الرؤساء إلى اتخاذ خطوات إصلاحية قبل فوات الأوان؟! لكن ما الفائدة من قرارات متأخرة، خصوصاً إن كانت صادرة عبر كلمة أشبه ما تكون بسكرات الموت!