يرتبط اسم الفنان صقر الرشود بانطلاق عصر جديد في المسرح الكويتي هو عصر المسرح المستند إلى نص مكتوب بعد مرحلة الارتجال، وكانت البداية مع «تقاليد» (1960)، إخراج محمد النشمي وتقديم «فرقة المسرح الشعبي».
ارتبطت بدايات الحركة المسرحية في الكويت بمبادرات فردية بدأت مع حمد الرجيب، أحمد العدواني، محمد النشمي وآخرين.. ثم في الستينيات مع صقر الرشود، عبد العزيز السريع، عبد الرحمن الضويحي، سعد الفرج، حسين الحداد، حسين الصالح الدوسري، ومبدعين حملوا رسالة المسرح إلى أجيال جديدة وأخرى مخضرمة تشارك راهناً في مسيرة النهضة الكبرى.في كتابه «الحركة الفكرية في الكويت»، يقول الدكتور محمد حسن عبد الله عن مسرحية «تقاليد»: «أول ملاحظة تستحق الاعتبار، التفات هذه المسرحية إلى داخل الأسرة، للوقوف على تناقضاتها، فبينما تميل الأعراف الدينية إلى التسامح وشمول النظرة، متوافقة مع النظرة الحضارية التي تتفتح عليها الحياة الجديدة، تبقى الأعراف الاجتماعية التقليدية متسمة بالتعصب وضيق الأفق». إذن من حيث الاهتمامات تنتقل المسرحية من خارج الحياة اليومية، كما هي الحال في المسرح المرتجل، وتناقضاتها إلى صميمها حيث أشكال الحياة أكثر تعقيداً وأبلغ أثراً... مع «مسرح الخليج العربي»في عام 1963 شارك صقر الرشود في تأسيس «فرقة مسرح الخليج العربي» مع منصور المنصور، سالم الفقعان، عبد العزيز الفهد، حياة الفهد وآخرين... فكرّس لها جهده ووقته وحياته، كان مؤلفاً ومخرجاً ومعداً لغالبية أعمالها، من بينها:- {بسافر وبس» (15 يوليو 1963)، مسرحية قصيرة شكلت خطوته الإخراجية الأولى.- {الخطأ والفضيحة» تأليف مكي القلاف.- «الأسرة الضائعة» (25 ديسمبر 1963)، شهدت بدايته الحقيقية على المسرح، فكرة عبد العزيز السريع، إعداد اللجنة الثقافية.- {أنا والأيام» وبعدها مباشرة «الجوع» تأليف الكاتب المسرحي المعروف عبد العزيز السريع رفيق دربه وأحد أصدقائه الذين رافقوه في مسيرته المسرحية.- {المخلب الكبير» في موسم 1965-1966، و»الطين» وهما من تأليفه وإخراجه وشارك في التمثيل أيضاً.- {صفقة مع الشيطان» لجيروم. ك جيروم، إخراج إسلام فارس الإذاعي المصري المعروف، أدى بطولتها إلى جانب عبد الله غيث وزهرة العلا.-«عنده شهادة» في موسم 1965 - 1966، تأليف الكاتب عبد العزيز السريع.- «الحاجز»، من إخراجه، عرضت في الكويت وبغداد والقاهرة، وهي أول مسرحية لفرقة «مسرح الخليج العربي» تعرض خارج نطاقها الاقليمي، وعرّفت العالم العربي على المسرح الكويتي. بعد هذه المسرحية مباشرة، ابتعد الرشود عن المسرح لخلاف مع أعضائها لغاية 1968 ولدى عودته شارك إخراجاً وتمثيلاً وكتابة في المسرحيات التالية:- «المرأة لعبة البيت» في موسم 1967 - 1968، مقتبسة عن مسرحية «بيت الدمية» لهنريك ابسن من إعداده وإخراج منصور المنصور.- {لمن القرار الأخير» في موسم 1968 - 1969، إخراجه وتأليف عبد العزيز السريع.- «بخور أم جاسم» في موسم 1969 - 1970 إخراجه وتأليف محمد السريع.- «رجال وبنات» في موسم 1970 - 1971 مقتبسة عن مسرحية - «الغربان» لهنري بيك شارك فيها ممثلاً، إخراج منصور المنصور. - {تذكر قصير» في موسم 1970 - 1971 لجوردن دافيوت، إخراج منصور المنصور.- {الجحلة» في موسم 1971 - 1972 مقتبسة عن «الجرّة» لبيرانديللو، إخراج صالح حمدان.- {الدرجة الرابعة» في موسم 1971 - 1972 من إخراجه وتأليف عبد العزيز السريع.- «1، 2، 3، 4 بم» في موسم 1971 - 1972، شارك في الكتابة مع عبد العزيز السريع وفي التمثيل أيضاً...- «ضاع الديك» في موسم 1972 - 1973، من إخراجه، تأليف عبد العزيز السريع.- {شياطين ليلة الجمعة» في موسم 1972 - 1973 كتبها مع زميله عبد العزيز السريع.- «بحمدون المحطة» 1973 - 1974، كانت آخر مسرحية كتبها مع زميله عبد العزيز السريع.مع الفرقة الأهليةأخرج الرشود مجموعة من المسرحيات لـ «الفرقة الأهلية» المكوّنة من عناصر من المسارح الأهلية الأربعة، من بينها:- «على جناح التبريزي وتابعه» ( مايو 1975) تأليف الفريد فرج، عرضت في القاهرة وتونس والمغرب ودمشق بالإضافة إلى الكويت وحازت جائزة أفضل عرض مسرحي في «مهرجان دمشق المسرحي الخامس».بعد نهاية العرض على مسرح «صالة الحمراء»، استقبل الجمهور المسرحية بحماسة وبكى الفنانون من شدة التأثر والفرح، وأجمع الحضور على أن المهرجان بدأ في اليوم الذي عرضت فيه المسرحية الكويتية. بعد العرض صعد المؤلف الفريد فرج على خشبة المسرح وقال: «أخرج المسرحية سبعة مخرجين عرب في مصر وخارجها... لكن ما من شخص عرف قيمة النص ومفهومه مثلما عرفه صقر الرشود وأبدعه النجوم الكويتيون}.وفي الندوة التطبيقية صدرت ردات فعل إيجابية حول المسرحية من بينها: - حسن عكله (سورية): العرض ممتع والممثلون خلاقون والإخراج متقن.- سعيد المزوغي (لبنان): استطاع المخرج أن يحطّم الحاجز الرابع بين الصالة والجمهور وكذلك أدهشنا الممثلون. - عبد الفتاح الوسيع (ليبيا): أضفى الإخراج على العمل النجاح الذي رأيناه.- عاصم عبد الحميد (مصر): وصل هذا العمل إلى ما نحاول الوصول إليه وهو المسرح المتكامل نصاً واخراجاً.- محمد حوراني (سوريا): لن أزيد على ما قيل في مدح المخرج والممثلين الذين كانوا رائعين.- محمود كامل: العرض كان مدهشاً وفذاً ومفاجئاً.- وزير الثقافة السوري: التجربة التي قدمها المسرح الكويتي هي علامة بارزة نحو هذا الطريق.بعد النجاح الذي حققته المسرحية في «مهرجان دمشق للفنون المسرحية»، قرر المجلس الوطني للفنون والثقافة والآداب، الجهة الداعمة والراعية للعمل بإدارة رئيس قسم المسرح آنذاك عبد العزيز السريع، القيام بجولة فنية شملت تونس والمغرب ومصر، وتقديم المسرحية فيها فحققت نجاحاً آخر حيث عرضت في كل من الرباط والدار البيضاء... أما في القاهرة فحقق نجوم المسرح الأهلي الحديث نجاحاً لا يقلّ عن نجاحاتهم السابقة.مع مسرح الخليجشارك الرشود مع «مسرح الخليج» في إخراج مجموعة من المسرحيات من بينها:- {حفلة على الخازوق» (11 ديسمبر 1975) تأليف محفوظ عبد الرحمن.- {الواوي» (فبراير ومارس 1976) وهي ثلاثية تقع كل واحدة في فصل واحد: «هدامة» تأليف مهدي الصايغ، «تحت المرزام» تأليف نواف أبو الهيجا، «مجنون سوسو» تأليف محمد السريع.- «متاعب صيف» (نوفمبر 1976)، تأليف سليمان الخليفي.- «حفلة على الخازوق» (فبراير 1977) عاود إخراجها برؤية جديدة وقدمت على خشبة مسرح سيد درويش في الهرم في القاهرة ضمن نشاطات الأسبوع الثقافي الكويتي. وفي مايو من العام نفسه عرضت في «مهرجان دمشق السابع للفنون المسرحية».- «عريس لبنت السلطان» (فبراير 1978) تأليف محفوظ عبد الرحمن، وفي مارس من العام نفسه قدمت في أبو ظبي والشارقة، وبين 6 و12 إبريل قدمت في الجزائر وليبيا ضمن نشاطات الأسبوع الثقافي الكويتي في كل منهما.في الإمارات كانت الإمارات العربية أرضاً خصبة لتحقيق طموحه في تأسيس مسرح خليجي، لذا أخرج الرشود فيها مجموعة من المسرحيات من بينها:- {شمس النهار» (1977) في إمارة ابو ظبي أخرجها بناء على دعوة من عبد الرحمن الصالح، وكانت المسرحية الأولى التي تبث على الهواء مباشرة على شاشة تلفزيون أبو ظبي. - {السندباد} (1978)، تأليف محفوظ عبد الرحمن قدمتها فرقة مسرح الامارات القومي.- «الأول تحول» (1978)، تأليف د. عبد الله السريع، قدمتها فرقة مسرح الامارات القومي.- «شمس النهار»، تأليف توفيق الحكيم وقدمت على مسرح الشارقة الوطني.وفاتهتوفي الرشود فجر 25 ديسمبر (كانون الأول) 1978 في دولة الإمارات العربية المتحدة إثر حادث سير وهو يمارس عمله وواجبه الوطني كمستشار مسرحي في وزارة الإعلام والثقافة. أُطلق اسمه على المسرح الذي تأسس في إمارة رأس الخيمة عام 1976 وعلى المسرح الشعبي في إمارة دبي تخليداً لذكراه.بعد وفاته أصدر مجلس إدارة «مسرح الخليج العربي» بياناً تضمن كلمة المسرح جاء فيها:«ما الذي تقواه الإدارة أي إدارة لأي مشروع أو مؤسسة أو جمعية عندما تفقد أعظم مشاريعها أو أثمن ثرواتها.. لقد فقدنا فيه المعلم والمنظّر والفنان ورجل المسرح الصادق مع نفسه ومع الآخرين. كان اسمه يسبق الجميع بل إننا نُعرف نسبة إليه، الكل يعرفنا من خلاله، وكان المسرح يسمى «جماعة صقر الرشود» وكنا نفخر، كان يقول إن الجميع أدوا واجبهم ويحترم أصغر الزملاء ويقيم لهم وزناً.إن إدارة «مسرح الخليج العربي» الحالية تشعر بأنها تحمّلت عبئاً كبيراً بغيابه، لأنه وهو هناك في بلده الثاني دولة الإمارات العربية المتحدة كان يحدثنا هاتفياً ويطمئن على حسن سير العمل في الفرقة. كان يريد أن تظل قوية متألقة ومتآزرة لأنه صنع منها أسطورة بالتفاهم وحسن التعامل والتماسك، حتى أضحت مضرب المثل في الالتزام بالتوجه القومي التقدمي والتزام أعضائها بالمواعيد المحددة للعمل الفني.إن إدارة المسرح الحالية تشعر بالأسى العميق وتدعو الزملاء كافة إلى الالتفاف بعضهم حول بعض والتفاني في سبيل الفرقة من أجل المحافظة على ما حققته من إنجازات رائعة بقيادته الفنية المثالية. قال رحمه الله مرة: «لو فكرت في عمل مسرحي، فلن أترك «مسرح الخليج العربي» أبداً، إنه شبابي وحلمي، إنه عمري».وبعد، فإن مجلس الإدارة ليرجو أن يتمكن من أداء واجبه، على رغم الحيرة التي تنتاب كل المسرح، وأن يتمكن المسرح قريباً من لملمة جراحه والتغلب على صعوباته، لمتابعة الدرب وتقديم المزيد من الأعمال الناجحة».قالوا فيه- د. يعقوب الغنيم: «أخي صقر، إليك وأنت في رحاب الله، أصدق الدعوات وأخلصها في أن يجازيك، جلت قدراته، بقدر ما لديك من إيمان، وبقدر ما تحمل نفسك الكريمة من محبة الناس وإخلاص لهم، وبقدر ما تتمتع به من خلق قويم وحبّ صادق لعملك وفنك، وبقدر ما ضحيت به من غال يعرفه الأغراب قبل الأحباب».- سعاد عبد الله: «ستظل يا أبا فراس كوكباً يسير في المدار نفسه الذي أراده صاحبه له، ستظل بين ظهرانينا وفي وجداننا وأفئدتنا وقلوبنا وعقولنا ومشاعرنا فناناً رائداً ومعلماً كبيراً وإنساناً صورته مشرقة ومضيئة وتشعّ وهجاً علمياً مسرحياً لكل من يسير مع الحركة المسرحية التي وطدت أنت دعائمها».- رضا الفيلي: «حقاً إنها لخسارة كبيرة، تلك التي فجعنا بها برحيل فقيد الفن الفنان صقر الرشود، كانت أعماله الملتزمة شاملة وحافلة وستظل بيننا دائماً وأبداً، لتشير إلى نبوغ هذا الفنان الذي أعطى بلده ووطنه العربي أرقى الفنون وأعلى المثاليات.- حياة الفهد: «تعلمنا الكثير على يدي صقر الرشود وكان دائماً معلماً يعطي الكثير الكثير بلا حساب، إن في ذكراه دروساً مستفادة».- مريم الصالح: «فقد صقر الرشود يعتبر فجيعة ونكسة كبيرة حلّت في نفوسنا، ونحن نواصل المسيرة من بعده ونودّ لو بقي بيننا معلماً ورائداً، لكنها إرادة الله الذي لا راد لقضائه».- أحمد الصالح: «الفجيعة التي ألمّت بنا كبيرة على مشاعرنا، لأن صقر الرشود قدّم ما لا يستطيع أحد أن يقدمه، لأنه فنان فريد من نوعه».- خالد العبيد: «لم تمت يا صقر المسرح، لأنك باق معنا في التركة التي ورثتها لنا، وهي نعم التركة، الثقافية المسرحية والمسرح الملتزم».- فؤاد الشطي: «لا شك في أن للراحل القدير صقر الرشود دوراً كبيراً في إثراء الحركة المسرحية الكويتية والعربية بأعمال شهد لها الجميع بقوة الطرح وبشكل فني متطور، بالتالي يستحق منا أن نفتقده دائماً كرمز من رموز الحركة المسرحية العربية.- عبد العزيز السريع: «إنه يعني لنا واحداً من رواد المسرح الكويتي الذي أضاف الكثير لنا وللأجيال المقبلة، وله الفضل الأكبر في تأسيس «المسرح الحديث». عشق المسرح منذ الصغر وتعامل معه بحب، بالإضافة إلى أنه جريء في الطرح وأعماله أكبر دليل على ذلك من بينها: «ضاع الديك» و{حفلة على الخازوق» وغيرها...
توابل
الفنان الرائد صقر الرشود... من الارتجال إلى المسرح الحديث
08-09-2010