سعدت الأسبوع الماضي بتقديم محاضرة في كلية الآداب-جامعة الكويت، بعنوان «لمحة مختصرة عن المشهد الروائي في الكويت»، وكانت إدارة الأنشطة الثقافية والفنية، قامت مشكورة بالإعداد للمحاضرة، وبحضور مجموعة من الأساتذة والطلبة والمهتمين بشأن الرواية. ولقد تناولت المحاضرة المشهد الروائي الكويتي، من زاوية تاريخية بدءا بصدور أول رواية كويتية (آلام صديق) للروائي فرحان راشد الفرحان عام 1948، مروراً بأهم المنعطفات التي مرت بها مسيرة الرواية الكويتية، وكذلك الأسماء الروائية المبدعة التي لعبت دوراً بارزاً على ساحة الرواية. وصولاً إلى حال الرواية والروائيين الشباب في وقتنا الراهن.

Ad

إذا كان عمر الرواية في الكويت جاوز العقود الستة، فلماذا يبقى الروائيون الكويتيون في النسيان بعيداً عن ساحة اهتمام الجمهور؟ وهل مستوى الرواية الكويتية يضاهي مستويات الرواية العربية؟

جاء هذا السؤال على لسان الطالب محمد جوهر، وكان يحمل من الاستغراب بقدر ما يحمل من الخيبة، ولقد ردّت الروائية ليلى العثمان، التي كانت حاضرة، في مداخلة لها، على السائل بقولها: إن السبب الرئيسي وراء عدم انتشار الرواية والروائيين في الكويت، هو ضعف الإقبال على القراءة، وإن الروائيين سيُعرفون متى ما أصبحت القراءة شأناً عاماً حاضراً في مجريات الحدث اليومي في الكويت. وكذلك أضافت الكاتبة هدى الشوا، في تعليق لها قائلة: إن أحد الأسباب الجوهرية لغياب أسماء الروائيين الكويتيين، هو غيابهم عن مناهج وزارة التربية، بدءا بالمدارس وصولاً إلى مناهج الجامعة.

اتفق تماماً مع رأي الزميلتين، فوحدها المداومة على القراءة قادرة على إزالة اللثام وطبقات النسيان عن نجوم مبدعة في سماء الكويت، إن على مستوى الرواية أو القصة القصيرة أو الشعر أو أي فنٍ آخر، وهي القراءة، قادرة من جهة أخرى على تشكيل وعيٍ متقدم لصاحبها، يمكّنه من معايشة اللحظة الإنسانية الراهنة، ويكون عونه في مسيرته الحياتية. وإذا كانت الأسرة هي اللبنة الأولى في خلق علاقة صحيحة ومتينة بين الطفل والكتاب والمعرفة، فإن المناهج الدراسية، وسيلة أساسية ومهمة للتعريف بنتاج وأسماء الكتّاب الكويتيين والعرب للطلبة الدارسين في مختلف مراحلهم العمرية. وذلك تمهيداً لعلاقة مثاقفة بين الطالب والكاتب. كما أن إجابة منصفة على الشق الثاني من السؤال تقول إن النتاج الروائي في الكويت، وإن تفاوت مستواه الإبداعي والفني من كاتب إلى آخر، لا يقل عن مثيله من النتاج الروائي العربي في أي قطر من أقطار العالم العربي. مع ملاحظة أن أجواء الحرية الثقافية والاجتماعية والفكرية والصحافية والإعلامية تلعب دوراً بارزاً في طبيعة الصيغ الروائية التي يكتبها الروائيون.

الزميل خليل علي حيدر، طرح سؤالاً مهماً عن السبب وراء غياب كتاب نقدي يؤرخ كل مسيرة ومناخات وأجواء وعوالم الرواية في الكويت. وأرى أن السبب، ربما يعود إلى صعوبة وتشعب المهمة، وكذلك قلة المشتغلين بالهم بالنقد الروائي، وعدم وجود نظام تفرغ للكاتب، وضعف المردود المادي المقابل للتفرغ لمثل هذا الكتاب المرجعي.

الرواية صيغة حياة متخيلة، يتمنى الكاتب تحققها على أرض الواقع، ولحظة يمرّ هذا التمني عبر وعي وذائقة القارئ، يكتسب حضوراً راعفاً لا يقل عن حضور الحياة.