تابعت الضجة التي أثيرت في الأيام السابقة حول ما قام به ياسر الحبيب من تعرض لأم المؤمنين وزوج الرسول السيدة عائشة، واستغربت الاهتمام الكبير بما يقوله الحبيب، ومتابعة ما ينشره على موقعه على الإنترنت، فما قيمة الحبيب وما وزنه حتى يعطى كل هذا الاهتمام. برغم بشاعة ما تفوه به ياسر الحبيب، فإني أعتقد أنه أُعطي أكثر من حجمه بكثير، وأجد أن من الخطأ الاهتمام بمتابعة ما يقوله من أقوال شنيعة، ففي كل زمان ومكان يوجد هناك من يخرج عن كل ما هو معقول ولذا، فإن من الأولى إهمال كل ما يصدر عنه. إذا كان من الخطأ الاهتمام بما يصدر عن ياسر الحبيب فإن الخطأ الأكبر برأيي هو محاولة الربط أو حتى مجرد الإيحاء أن ما يقوله "الحبيب" يحسب على الشيعة لكونه شيعياً معمماً، لأنه بكل بساطة لا يمثل الرأي الشيعي بحال من الأحوال، ولذلك لا يجوز استغلال تصرفات "الحبيب" لإثارة الحساسية الطائفية.
على العكس من ذلك، أعتقد أن ما تفوه به "الحبيب" عن أم المؤمنين عائشة ليس مورداً للخلاف، بل رمز للوحدة بين السنّة والشيعة، لأن الذب عن عرض رسول الله أمر واجب يشمل الشيعة والسنّة معاً، وبالتالي لا أجد أن هناك حاجة أصلاً إلى أن يقوم بعض الشيعة باستنكار تصرفات الحبيب لكونه شيعياً لتطيبب خواطر السنّة كما يطالب البعض بذلك.في الموارد الخلافية وعندما يشذ أحد من المحسوبين على هذا الطرف أو ذاك قد يكون من المناسب أن يتصدي أناس من نفس الفريق لمن يغرد خارج السرب من باب إظهار عدم الموافقة على التصرفات الشاذة، أما في هذا الموضوع بالذات فلا أجد أن هناك حاجة إلى ذلك، لأن الموضوع محل اتفاق بين الشيعة والسنّة، وأنا على يقين أن الشيعة مستاؤون من فظاعة ما تلفظ به "الحبيب" بنفس مقدار استياء السنّة، بل إن الشيعة أكثر استياءً لأن من قام بهذا الفعل الفاجر ينتسب إليهم وهم منه براء.ياسر الحبيب هو نموذج صارخ للتعصب والتطرف الديني، وهو نموذج موجود في كل الطوائف والأديان، قديماً وحديثاً، وكما أن ملّة الكفر واحدة فإن ملّة التعصب والتطرف واحدة، والإنصاف يقتضي نبذ نماذج التعصب والتطرف جميعها، لأن التطرف وإلغاء الآخر من المحن التي أبتلينا بها. اليوم يجب التصدي لياسر الحبيب لأنه حديث الساعة، وغداً يجب أن يتصدي الجميع لغيره لأنه لا فرق بين ياسر وغيره إلا في الاسم، أما في العقلية فهم سواء.تعليق: التصريحات التي يطلقها الشيخ راضي الحبيب في صحيفة بذاتها لا تبعث على الاطمئنان بنواياه، وتصرفاته الإعلامية بالصلاة في الجامع الكبير والبهرجة الإعلامية التي حصل عليها نتيجة ذلك تعزز التشكك في دوافع ما يقوم به، وبكل بساطة فإن ما يقوم به راضي الحبيب مريب ولا يبدو في سياقه الطبيعي، وبالتالي لابد من الحذر منه والتوقف عن الحكم عليه حتى تتبين الدوافع الحقيقية لما يقوم به.
مقالات
ياسر الحبيب رمز الوحدة
10-09-2010