صكوك الولاء ونبش القبور!
![د. حسن عبدالله جوهر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1499151557547559900/1499151557000/1280x960.jpg)
وإذا كانت الحكومة قد ارتكبت مثل هذا الخطأ الجسيم، فإن ما تمارسه بعض القنوات الفضائية أو الصحافة أشد خطورة وفداحة، فالحكومة تلاحق المواطنين الأحياء وتتهمهم بقلب نظام الحكم على خلفية مواقف أو انتقادات سياسية عبر تصريحات إعلامية أو ندوات جماهيرية وعلى مواضيع وقضايا راهنة، ولكن في المقابل نجد أن بعض الفضائيات بدأت تنبش في القبور، وتتصفح أوراق الماضي لاستغلال الأحداث التاريخية القديمة لإصدار صحائف الاتهام بالخيانة وضرب الولاءات بأثر رجعي.ولم ينجُ من هذه التهم المتبادلة طائفة أو قبيلة أو فئة اجتماعية؛ حتى وصلت الحال إلى أبناء الأسرة الحاكمة أنفسهم، فبدأ التحرش بعائلة المالك من آل الصباح، وإذا كان أبناء المالك مستهدفين اليوم لخلافات شخصية مع بعض الإعلاميين أو غيرهم، في ظل السكوت أو حتى المباركة والتشجيع الخفي من قبل البعض، فقد يمتد مثل هذا التطاول إلى بقية أجنحة الأسرة تباعاً، تماماً مثلما حصل مع مختلف الشرائح الكويتية من عامة الشعب عندما استهدف الشيعة، ومن بعدهم القبائل، ثم بعض الرموز العائلية.وغريب جداً أن تكون صكوك الوطنية والولاء بيد بعضنا يوزعها يمنة ويسرة، بل من المخزي أن يتم نبش القبور للتصيد على أحداث ومشاكل تاريخية قديمة للطعن بالامتداد الأسري لهذه العائلة أو تلك الفئة. وجميع الأمم والشعوب مرت بتجارب عصيبة ومحطات غيرت مسارات أحداثها، بل وصلت الحال في بعض الأحيان إلى حد الحروب الأهلية، ولكنها تعلمت منها الدروس واستقرت على أنظمة سياسية بالتوافق والرضا والشراكة في الوطن والخضوع لسيادة القانون.وكلنا نعلم أن مثل هذه الاتهامات السخيفة لا تقدم ولا تؤخر، ولا تنقص من قدر أي فئة مستهدفة، ولكنها تساهم بلا شك في تعبئة روح البغض والحقد، وهذا هو أساس الفتنة التي اعتبرها رب العباد أشد وأكبر من الكفر والقتل.وإن ما حصل من اعتداء على قناة "سكوب" أمر مرفوض بكل المقاييس، ويجب أن يأخذ القانون مجراه في محاسبة المعتدين أياً كانت مراكزهم ومراتبهم وانتماءاتهم، ولكن وبنفس القدر نعتبر الإساءة إلى أبناء أسرة المالك الصباح الأفاضل أمراً مشيناً لا يمكن السكوت عنه.ومن أبناء المالك اليوم من يتولى مناصب عامة في الدولة، وهم عرضة للنقد والتقييم والمحاسبة في مجال عملهم، ولكن أن تعمم الإساءة إلى رجال أفاضل، ومن أصحاب الدواوين العامرة في مختلف المناطق؛ فتحوا أبوابها وأبواب قلوبهم للجميع وبأخلاق عالية، وأن يساء للنساء والأطفال من هذه العائلة الكريمة، فهذا بالتأكيد تدنٍّ في أدب الحوار.والمشكلة الحقيقية أننا- على الرغم من كل الحوادث المتكررة ومحاولات دق إسفين الفتنة بين فئات هذا المجتمع، والتشكيك المتبادل والطعن في الوطنية والولاء بين فترة وأخرى، ومدى حاجتنا إلى بعضنا بعضا، وضرورة تلاحمنا- لا نعتبر!