التضامن مع اليابان

نشر في 26-03-2011
آخر تحديث 26-03-2011 | 00:00
 بروجيكت سنديكيت حجم الكارثة التي تواجه اليابان هائل إلى الحد الذي يجعلها في احتياج إلى مساعدتنا. إن الحس المشترك بالتضامن الإنساني لا يقل في أهميته بالنسبة لمواطني الدول القوية عن أهميته بالنسبة للبلدان الأكثر فقراً. والواقع أن مثل هذا التضامن، عندما نعرب عنه في أوقات كهذه التي نعيشها اليوم، من شأنه أن يولد مشاعر الامتنان والثقة التي قد تستمر لأجيال.

إن الزلزال المدمر الذي ضرب اليابان، وموجة المد العارمة (التسونامي) التي جاءت في أعقابه في الحادي عشر من مارس، جلبا معهما أضراراً مادية مدمرة- وهي الأضرار التي تفاقمت في ظل التهديد بوقوع كارثة نووية- في المناطق الساحلية المختلفة في الشمال الشرقي للبلاد، وتسببا في إذكاء المخاوف المهلكة في الدولة الوحيدة التي شهدت الرعب النووي الكامل. فالآلاف من البشر باتوا في عداد المفقودين، ومئات الآلاف اضطروا إلى النزوح، وأصبح الملايين بلا ماء أو طعام أو تدفئة في درجات حرارة قريبة من التجمد. ومن المتوقع أن يتجاوز عدد القتلى خمسة عشر ألف قتيل.

ولأن اليابان دولة غنية فقد يستسلم بعض الناس لإغراء النظر إليها باعتبارها في وضع يؤهلها للاضطلاع بأغلب الجهود الرامية إلى إعادة البناء من دون مساعدة من أحد. وقد يزعم البعض أن جهود الإغاثة من الكوارث، في عالم ما بعد الأزمة الاقتصادية الذي يتسم بندرة الموارد العامة والخاصة، لابد أن تستهدف البلدان والشعوب الفقيرة فقط.

بيد أن حجم الكارثة التي تواجه اليابان هائل إلى الحد الذي يجعلها في احتياج إلى مساعدتنا. إن الحس المشترك بالتضامن الإنساني لا يقل في أهميته بالنسبة لمواطني الدول القوية عن أهميته بالنسبة للبلدان الأكثر فقراً. والواقع أن مثل هذا التضامن، عندما نعرب عنه في أوقات كهذه التي نعيشها اليوم، من شأنه أن يولد مشاعر الامتنان والثقة التي قد تستمر لأجيال.

والتهديد الذي يفرضه احتمال انصهار المفاعلات النووية في محطة الطاقة النووية في فوكوشيما ربما يشكل الاستعراض الأشد قسوة على الإطلاق لحقيقة مفادها أننا نعيش في عالم مترابط، حيث يتعين على الحكومات أن تتعاون بأساليب جديدة لضمان صحتنا وسلامتنا. والواقع أن التعاون على هذا النحو سيتطلب ظهور مجتمع مدني عالمي جديد يقوم على أساس ذلك النوع من التضامن الدولي الذي تحتاج إليه اليابان الآن.

ولقد اضطلعت اليابان بدورها. فعلى مدى عقود من الزمان كان اليابانيون في غاية السخاء في دعم الناس في أنحاء العالم المختلفة في وقت الحاجة، فقدموا المساعدات المالية المكثفة لبلدان نامية وتقدموا جهود الإنقاذ والإغاثة كلما وقعت كارثة. والآن حان الوقت لكي يرتقي المجتمع الدولي إلى مستوى المسؤولية وأن يبدي نفس النوع الاهتمام باليابان.

والحق أن الحكومات، والمنظمات الدولية، والجمعيات المدنية في أنحاء العالم المتفرقة استجابت بإرسال الخبراء، والمستلزمات، والمساعدات. ولكن نظراً لحجم الضرر الواقع فمن المؤكد أن هذا الدعم لن يكون كافياً بأي حال من الأحوال. لقد حان الوقت لكي نكرس أفكارنا وأعمالنا، ليس فقط على المستوى المهني، بل وأيضاً على المستوى الفردي، لإغاثة المتضررين.

ونود أن نناشد كل من يقرأ هذا النداء المبادرة إلى المساعدة في جمع الأموال اللازمة لدعم منظمات الإغاثة التي تعمل حالياً في المناطق المتضررة، فضلاً عن جهود إعادة البناء المكثفة التي سوف تعقب جهود الإغاثة.

ولقد أنشأت «مؤسسة نيبون»، برئاسة يوهي ساساكاوا، صندوق إغاثة للمتضررين من الزلزال والتسونامي في شمال شرق اليابان، لتحقيق هذه الغاية، وستتم إدارة الصندوق بأعظم قدر من الشفافية، وعلى النحو الذي من شأنه أن يفيد هؤلاء الذين تضرروا في المناطق التي ضربها الزلزال والتسونامي. ومن الممكن تقديم التبرعات عبر موقع «مؤسسة نيبون» على شبكة الإنترنت (http://www.nippon-foundation.or.jp/eng/).

والواقع أن الأمل يحدونا في أن يحاول كل منا من أعماق قلبه مد يد المساعدة لضحايا الكارثة، وأن يعطي من خلال صندوق «مؤسسة نيبون» أو عبر أي منظمة إنسانية أخرى محترمة ومعترف بها، كل ما يستطيع أن يقدمه لتمكين آلاف الضحايا في اليابان من استعادة كرامتهم وحياتهم الطبيعية.

ولنستجب لهذه الكارثة بأفضل ما في إنسانيتنا ومشاعر التضامن الصادقة.

* الأمير الحسن بن طلال- الدلاي لاما- فريدريك ويلم ديك ليرك حائز على جائزة نوبل والرئيس السابق لدولة جنوب إفريقيا- أندريه جلوكسمان فيلسوف وكاتب مقالات- فاتسلاف هافيل رئيس جمهورية التشيك الأسبق- هانز كونغ رئيس مؤسسة الأخلاق العالمية (ستيفتونج ويلتثوس)- مايكل نوفاك لاهوتي كاثوليكي- كارل شوارزنبرغ وزير خارجية جمهورية التشيك- ديزموند توتو كبير أساقفة كيب تاون الفخري وحائز على جائزة نوبل للسلام- ريتشارد فون فايتساكر الرئيس السابق لجمهورية ألمانيا الاتحادية- غريغوري يافلينسكي رئيس الحزب الديمقراطي الموحد (يابلوكو) في روسيا... وجميع الموقعين من أعضاء «مبادرة الاهتمام المشترك».

«بروجيكت سنديكيت» بالاتفاق مع «الجريدة»

back to top