في استطلاع الرأي الذي سبقت الإشارة إليه تساءل أحد المشاركين: أيحتاج المواطن العربي إلى حاكم طاغية أم إلى وفرة اقتصادية ليظل ساكتا؟ وبصيغة أخرى: هل الدكتاتورية أو عدم وجود أزمات اقتصادية هو السبب في صمت المواطن العربي؟ وبصيغة ثالثة يصبح السؤال: أيهما السبب في بقاء الحاكم العربي، القمع الأمني أم الرشوة الاقتصادية؟
إن متوسط بقاء الحاكم العربي في السلطة يتجاوز العقدين، وهما فترة كبيرة جدا مما دفع أحد المشاركين في ميدان التحرير مازحا إلى الدعوة إلى توفير كراسي «تيفال» تمنع التصاق الحاكم بالكرسي، فما الذي يجعل المواطن العربي صامتا طوال هذه المدة؟ والسؤال بهذه الصيغة، كما أشار إليه المشارك في الاستفتاء، ذو دلالة خطيرة، فمعناه أن المواطن غير مقتنع بنظام حكمه– قد يكون غير معترض على شخص حاكمه– لكنه رافض لأسلوب الحكم فما الذي يدفعه إلى الصمت؟!لو تأملنا الأنظمة الحاكمة في عالمنا العربي لوجدناها تتبع أحد أسلوبين: إما قمع المواطن بالقوة والأجهزة الأمنية والاستخباراتية وإرغامه على الصمت والتفكير فقط في المحافظة على حياته وحياة أسرته، وإما على الجانب الآخر تحاول إغراء المواطن واستمالته والتودد إليه من خلال تقديم بعض المميزات الاقتصادية المادية والعينية أو ما يمكن تسميته بالرشوة، وباختصار فالأنظمة الحاكمة تلجأ إما إلى إرغام المواطن وإما إلى إغرائه، وإذا كانت هذه حال الأنظمة فما موقف المواطن؟المواطن العربي أذكى كثيرا من حكوماته، فهو يتبع معها أسلوب الصبر الجميل في الحال الأولى، والصبر الجميل هو الصبر بدون شكوى، فتنخدع الحكومات بصمته، وينتظر هو الوقت المناسب– قد يطول ولكنه يأتي– للقيام برد فعله الطبيعي وثورته أو في المقابل يسعى إلى الحصول على أقصى ما يستطيع من ميزات اقتصادية، والعمل على تحسين معيشته، أي أنه باختصار وللأسف يقوم بابتزاز حكومته– وهي راضية- لكي يبقى صامتا، ولكن أيضا لا تضمن هذه الأنظمة سكوته الدائم فما يشترى بالمال يباع أيضا بالمال.ويظل السؤال قائما: هل ستظل الأنظمة العربية على حالها في إسكات المواطن أم تراها قد فهمت الدرس جيدا وستشركه في الحكم؟!***هناك من يعرفون بمجانين الفنانين والشخصيات العامة، فهناك مجنون يسرا والراحلة ليدي ديانا، وهؤلاء يتيهون عشقا بمحبيهم– من طرف واحد- معتقدين أن هؤلاء يبادلونهم أو يجب أن يبادلوهم نفس مشاعرهم، وكما أن هناك من يحب فهناك أيضا من يكره معتقدين أن كرههم سيقضي على من يكرهونه، ومن هؤلاء مجنون عمرو موسى الذي يعتقد أنه سيزلزل الأرض من تحت قدميه بحديثه السري والحصري حول أحذيته وجواربه واسم زوجة أب البائع الذي باعها له، ويبدأ بحرف الميم وتزوجها أبوه بعد وفاة أمه، وكانت في الأصل زوجة لعمه الذي توفى في حادث سيارة... إلخ. وهي أحاديث تذكرنا بمنولوجات «حمادة سلطان» التي ينهيها بقوله «النكتة دي جديدة».***إن كان لدى الكثيرين حساسية وخوف من الحديث عما يحدث في بلدانهم فقد قلنا كثيرا وقالها كثيرون غيري: لا حساسية لدينا من أن يتحدث أو يكتب شخص عن مصر وما يحدث فيها، فمصر هي الشقيقة الكبرى للعرب، وهي حضنهم الدافئ وملاذهم وقت الشدة، ولكن الحديث عن الكبير يجب أن يكون بأدب وذوق، فمنذ حوالي أسبوعين حدثني صديق عن مقال قرأه وعندما بحثت عنه وقرأته وجدته نموذجا- للأسف- لقلة الذوق والغباء والجهل، فأن تتحدث عما لا تعرفه فهذا جهل– لن أقول كذبا- وأن تفخر بهذا الحديث فهذا غباء، وأن يكون حديثك بمفردات تفتقر إلى الذوق فإنك تكون قد جمعت الصفات الثلاث، وهذا عار وعيب وباللهجة الكويتية «شين».*لا للانتقام والشماتة والتشفي، نعم لبناء مصر الجديدة، مصر العدالة والحرية، مصر الواجب والمسؤولية، مصر الأمان والديمقراطية.
مقالات
بين القمع بالسلطة والحكم بالرشوة
01-04-2011