الموساد يده ملطخة بالدماء كما أن يد «حزب الله» كذلك ملوثة بالدماء... هذا المقال لا يحاول إدانة أو تبرئة أي منهما على خلفية اتهام «حزب الله» إسرائيل بتنفيذ عملية اغتيال الحريري من خلال قرائن أفصح عنها في الوقت الذي تتسرب فيه معلومات عن القرار الظني للمحكمة الدولية التي تشير بأصابع الاتهام إلى أعضاء في «حزب الله»... لا يعنينا اتهام أي طرف لأنه من اختصاص المحكمة الدولية التي أنشئت بطلب من الحكومة اللبنانية، وما يهمنا هو تذكير المزمرين والمطبلين لسيد المقاومة الذين دأبوا كسيدهم على تخوين كل من يقف ضد سلاحه غير الشرعي، لاسيما من دافع عنه بشراسة من الكتاب الكويتيين الذين تناسوا جرائم حزبه في الكويت، بما قد ذكره مركز المعلومات والدراسات في جريدة القبس في 14/02/2008 حول بعض جرائم التفجير والتخريب التي حدثت في الكويت في ثمانينيات القرن الماضي، والتي اتُهم فيها عماد مغنية ومصطفى بدر الدين (واسمه الحركي إلياس صعب) أبرز قياديين في «حزب الله»، كاستهداف منشآت وسفارات أميركية وفرنسية وكويتية في 1983، التي سجن على إثرها سبعة عشر شخصاً، بينهم إلياس صعب، كما اتهم مغنية بالمشاركة في خطف الطائرتين «كاظمة» و»الجابرية» في 1984 و1988 للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين الـ17، لتنتهي الأخيرة بعد معاناة طويلة استشهد فيها مواطنان ألقى الإرهابيون جثتيهما من الطائرة بطريقة وحشية.

Ad

وحسب جريدة «القبس» فإن مغنية ارتبط في النصف الأول من الثمانينيات بجهاز الأمن التابع لـ»حزب الله» تحت إشراف السفير الإيراني في سورية، آنذاك، علي أكبر محتشمي الذي تولى وزارة الداخلية في ما بعد، ليختفي مغنية بعد ذلك بسبب ملاحقات دول عديدة له كأميركا ودول الاتحاد الأوروبي التي وضعته على لائحة المطلوبين للعدالة، بسبب احتجازه الرهائن وقتله الأبرياء واختطافه الطائرات.

الجدير بالذكر أن مصطفى بدر الدين ورفاقه الذين اتهموا أيضاً بمحاولة اغتيال الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح تمكنوا من الهروب حين فتحت السجون أثناء الغزو الصدامي للكويت. العجيب أن بدر الدين هذا الذي يقال إنه خلف مغنية بعد اغتياله في دمشق في فبراير 2008، هو الذي تثار حوله الشبهات في قضية اغتيال الحريري، الأمر الذي يجعلنا نتعجب «إن صدقت الشبهات» من «تكرار التاريخ نفسه» كما يقول الأستاذ علي البغلي.

هكذا يفعل الاستبداد الذي يقول عنه الكواكبي إنه «يضغط على العقل فيفسده، ويلعب بالدين فيفسده... ويغالب المجد فيفسده ويقيم مكانه التمجد... فيجعل الإنسان مستبداً صغيراً في كنف المستبد الأعظم»... الذي يوهمه «أنه يريد نصرة الدين، أو تأييد استبداده باسم حفظ شرف الأمة وأبهة الحكم، أو يتصرف في حقوق الدولة والأمة كما يشاء هواه باسم أن ذلك من مقتضى الحكمة والسياسة»... وها هي التيارات الدينية الأصولية التي وصلت إلى الحكم كـ»حماس» و»حزب الله» تغامر بشعوبها بزجه في حروب دمرت بناه التحتية وكان ضحية لها آلاف القتلى والجرحى والمشردين... ليوجه سيد «المقاومة» سلاحه بعد ذلك صوب صدور مواطنيه في احتلاله لبيروت في مايو 2008... واليوم يهدد صاحب «النصر الإلهي» بتكرار تلك «الغزوة» التي قد تؤدي هذه المرة إلى حرب أهلية لا تبقي ولا تذر في حال صدر القرار الظني... ولايزال المتمجدون يهتفون.