الصراع في المجتمعات ظاهرة طبيعية، بل هي الأصل.

Ad

هناك مَن يجزع من الصراع ويظن أنه شر مستطير، بينما هو الحالة الطبيعية لأي تطور اجتماعي.

عندما نقول ذلك فهذا ليس دعوة إلى الصراع أو تشجيعه، ولكنه مجرد وصف لطبيعة الحال ليس إلا.

الإشكالية ليست في وجود الصراع، ولكنها في تحول الصراع إلى صدام تدميري يُنهي حالة التعايش السلمي وتبادل المنافع وقبول الآخر ويؤدي إلى عدوان أغلبية على أقلية أو العكس.

من هنا جاءت الديمقراطية كونها ترتكز على مفاهيم حرية الفرد في التعبير عن نفسه، والعدالة الكاملة، والمساواة، وتكافؤ الفرص، تأسيساً على مفهوم المواطنة.

وليست الانتخابات إلا إحلال واستبدال عملية الصراع العنيف أو بالقوة إلى عملية صراع سلمي بواسطة صناديق الاقتراع. وكلما كانت العملية الانتخابية أقرب إلى العدالة والنزاهة والتعبير الحقيقي عن فئات المجتمع دون تدخل فإنها تدفع باتجاه مزيد من الاستقرار وفعالية وإنجاز المؤسسات السياسية.

لذلك فإن التدخل الحكومي في الانتخابات أياً كانت مبرراته وأياً كان شكله يؤدي إلى إفراغ العملية الانتخابية بالكامل من محتواها على أساس أنها جزء من الديمقراطية. وحيث إن ديمقراطيتنا أصلاً هي ديمقراطية ناقصة، فإن إضعاف العملية الانتخابية يمثل إنهاكاً كبيراً للديمقراطية ككل.

نحن الآن مقدمون على انتخابات نيابية مبكرة، جاءت قبل موعدها المقرر في 2013. ليس من جديد في ذلك.

فهذه هي المرة الرابعة التي يُدعى فيها إلى انتخابات مبكرة خلال خمس سنوات فقط. وهذا مؤشر رقمي على فداحة الأزمة. إلا أن الجديد في الموضوع أنها ربما المرة الأولى التي يطالب فيها المعارضون للحكومة بحل المجلسين. وهي المرة الأولى التي يصبح لنا فيها رئيس وزراء سابق خارج الحكومة، ونائب رئيس وزراء سابق أيضاً خارج الحكومة، وكلاهما مازال له طموح في العودة إلى هرم القيادة السياسية.

من حيث النواحي الإجرائية الانتخابية فإنها ستتم بطريقة اعتيادية، إلا أن معطيات الصراع، ومكونات مراكز القوى مختلفة هذه المرة، ومواقعها متباينة، وهي من ذلك النوع من الانتخابات التاريخية، فنتائجها ستغير معادلة صراع القوى المختلفة، ولذلك فإنها ستكون معركة قاسية تُستخدَم فيها كل الأدوات ما هو مشروع منها وما هو غير مشروع، وعسى أن يحفظ الله الكويت.