هل يصبح عبدالمنعم أبوالفتوح الرئيس المصري القادم؟!

نشر في 08-06-2011
آخر تحديث 08-06-2011 | 00:01
No Image Caption
 د. شاكر النابلسي كانت الانتخابات الرئاسية المصرية القادمة في سبتمبر 2011، ستكون أكثر الانتخابات المصرية أهمية في تاريخ السياسية المصرية، وذلك لأسباب عدة منها، أنها تجري في جو من الحريات لم يُتح لمصر من قبل، ومنها، أنها استفتاء غير مباشر على ثورة 1952 ومنجزاتها وخيباتها خلال الستين عاماً الماضية. ومنها، أن المصريين مقبلون على هذه الانتخابات ومتحمسون لها، كما لم يقبلوا من قبل، وكما لم يتحمسوا من قبل، ومنها أخيراً، أن المرشح الأبرز فيها "عبدالمنعم أبو الفتوح" والمستند إلى حزب عريق، وذي باع سياسي طويل "الإخوان المسلمون"، هو الأوفر حظاً بين مرشحين ضعفاء حتى الآن، لا يستندون إلى أي خبرة في إدارة المعارك الانتخابية الضخمة، كمعركة الانتخابات الرئاسية، ولا يملكون الرصيد السياسي الذي يملكه مرشح كعبدالمنعم أبوالفتوح، المرشح بالتبني وليس بالمولد لـ"الإخوان المسلمين"، وهو المرشح الذي لا يجلس الآن في حضن "الإخوان"، ولكنه يقف على كتفهم كهدهد سليمان، فهم قد أرادوه كذلك، لأسباب عدة، منها:

1- أصبح "الإخوان المسلمون" أثناء ثورة 25 يناير وبعدها يملكون الجزء الأكبر من الشارع السياسي المصري. فهم إن وافقوا وأرادوا أمراً ما، انصاع الشارع لهم، لأنهم يملكون أكبر رصيد شعبي، وأكبر عدد من الحزبيين "الإخوانيين" المنظمين والمنضبطين، تنظيماً وانضباطاً شديداً، وصارماً، والدليل على ذلك أنهم عندما أرادوا إحضار الشيخ القرضاوي إلى ميدان التحرير، وصلاة الجمعة وراءه، استطاعوا ذلك، وهم عندما أرادوا الفوز باستفتاء التعديلات الدستورية للمواد (76، 77، 88، 93، و189) فازوا بنسبة تزيد على 70%. وأخيراً، عندما أرادوا إفشال "جمعة الغضب الثانية" (27/5/2011) استطاعوا ذلك، ولم تستطع القوى السياسية الأخرى، أن تحقق "جمعة الغضب الثانية" بالمليون متظاهر- لم يتعدوا خمسين ألفاً حسب بعض المصادر- الذين وعدوا بهم الرأي العام.

2- أصبحت الأحزاب اليسارية المصرية، وكذلك العربية، تدق نواقيس خطر وصول "الإخوان" إلى السلطة. كما أن الإعلام الغربي ودوائر صنع القرار في الغرب تفعل ذلك، خصوصا أن الشارع المصري لديه شعور قوي بالرباط السياسي المتين بين الجيش و"الإخوان"، من خلال أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة اختار عضوين من "الإخوان" (عاطف البنا، وصبحي صالح) للجنة تعديل بعض مواد الدستور، بينما لم يختر أحدا من الأعضاء الستة من بقية الأحزاب الأخرى. كما اختار لرئاسة اللجنة طارق البشري ذا الميول السياسية الإسلامية القريبة والمتطابقة- إلى حد ما- مع إيديولوجيا "الإخوان" (كتب مقدمة تبجيلية لمذكرات القيادي الإخواني عبدالمنعم أبو الفتوح). وسمح للشيخ القرضاوي بأن يؤم صلاة الجمعة بملايين المصلين في ميدان التحرير بدعوة وبتنظيم وتنسيق مع "الإخوان المسلمين". وكانت تلك الصلاة مظاهرة سياسية، تعلن بوضوح مدى قوة وانتشار وتأثير جماعة "الإخوان" في الشارع المصري، وغير ذلك من المظاهر التي تربط بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة و"الإخوان"، وفيما لو ترشَّح "الإخوان" بشكل مباشر وصريح في انتخابات الرئاسة القادمة سبتمبر 2011، ونجحوا- وهو احتمال كبير- فسيقول الآخرون، إن الجيش هو الذي ساعدهم، وهو ما لا يريده الجيش، ولا يريده "الإخوان"، علماً أن العلاقة بين "الإخوان" والجيش المصري الآن علاقة سياسية مبررة، ونافعة للطرفين. فالجيش، نتيجة للفراغ السياسي الواسع الذي شهدته مصر طيلة ستين عاماً، ومنذ 1952، لم يجد حزباً أو تكتلاً سياسياً يركن إليه، ويعتمد عليه، غير "الإخوان المسلمين".  وكان ذلك هو الأمر الواقع منذ 1952 ولكن خلاف "الإخوان" مع عبدالناصر والشقاق السياسي بينهما على تقاسم السلطة، حال دون اعتماد الجيش الثائر في ذلك الوقت على "الإخوان" كجبهة سياسية مساندة للثورة المصرية... فالجيش ليس أمامه غير "الإخوان" الآن كجبهة سياسية قوية ومنظمة يستطيع الاعتماد عليها في تنفيذ خططه الحالية والقادمة (ومثال ذلك نجاح إفشال "ثورة الغضب الثانية"، 27/5/2011 ، ونجاح الاستفتاء الإيجابي على تعديل بعض مواد الدستور، وإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المقرر سبتمبر 2011 ، دون الالتفاف إلى مطالبة القوى السياسية الأخرى كافة بتأجيلها لحين استعداد هذه القوى لخوض الانتخابات). كذلك، فإن "الإخوان" وجدوا في الجيش الجهة السياسية والعسكرية الحاكمة، التي تستطيع مساندة ودعم خططهم في الوصول إلى السلطة التي يحاولون بها منذ ثمانين عاماً، دون فائدة.  إذن، هناك منافع سياسية ومصالح سياسية مشتركة، بين "الإخوان" والجيش المصري، وتلك هي السياسة، فالسياسة ليست وداً وإخاءً، بقدر ما هي مصالح ومنافع متبادلة، وتلك هي أقوى الروابط السياسية، فلا الدين، ولا القبلية، ولا الشعارات، قادرة على إقامة روابط سياسية بين طرفين قدر المصالح والمنافع المشتركة. وربما لو نجح عبدالمنعم أبو الفتوح- وهو المرشح "الإخواني" بالتبني وليس بالمولد كما قلنا؛ بمعنى أن "الإخوان"، تبرؤوا من ترشحه، واعتبروا هذا الترشح ذاتياً، وليس "إخوانياً" عقائدياً- فسيتم طرده رسمياً من تنظيم "الإخوان"، لكي يتبرؤوا منه، ويوفوا بعهدهم أمام الرأي العام، من أنهم لن يرشحوا أحداً منهم رسمياً لمنصب الرئاسة، ولن يسعوا إلى السلطة الآن (راجع مقالنا: لماذا يتعفف "الإخوان" عن الحكم الآن؟ 18/3/2011) وسيتبرؤون منه، ومن رئاسته للجمهورية. ولكن "أبو الفتوح" رغم ذلك، سيظل وفياً لمبادئهم، وسيطبق جزءاً كبيراً من خططهم، وهذا هو سبب ترشحه وسعيه إلى الرئاسة، وإلا فلا معنى لكل هذا الجهد الذي يبذله، ويبذله معاونوه معه، وكذلك جهاز التنظيم "الإخواني"، الذي يعتبر الماكينة الانتخابية الفعالة والمؤثرة، نتيجة لخبرتها الطويلة، في هذا المجال.

3- منذ زمن طويل والخوف يتلبس الرأي العام الغربي، ودوائر صُنع القرار فيه، من إمكان وصول "الإخوان" إلى السلطة، حيث تصبح مصر دولة دينية مثلها مثل إيران، وللعلم، فليس هناك الآن في الشرق الأوسط دولة دينية، ولكن هناك دول عربية وغير عربية، يحكمها دكتاتوريون يدّعون الإسلام، ويحكمون باسمه ظلماً وبهتاناً، ولو كانت إيران دولة دينية لطبقت المساواة بين الطوائف الدينية (الشيعة والسنّة). زيادة على ذلك فالدولة الدينية في القرن الحادي والعشرين مستحيلة لعدم وجود مثيل لها في العالم كله. ولرفض العالم كله التعاون مع هذه الدولة رفضاً باتاً، بل مقاومة وجودها، وربما تدميرها، إذ إن العالم القوي والثري والعلمي والتكنولوجي... إلخ، عالمٌ فصل الدين عن الدولة (وبقي الدين في المجتمع) وأصبحت دول العالم كافة دولاً مدنية لا دينية، ولكي يطمئِن "الإخوان" دول العالم تلك، فهم لا يريدون السعي إلى السلطة المصرية الآن، لكي يعرفوا تماماً ما المستقبل في مصر في ظل هذا الضباب الكثيف الذي يلف الشارع المصري. ولذا، نرى "الإخوان" يتخبطون في شعاراتهم، فمرة يقولون، إنهم يسعون إلى دولة سياسية ذات مرجعية دينية، ومرة أخرى يقولون، إنهم يسعون إلى دولة دينية ذات مرجعية سياسية، ومرة ثالثة ينشئون حزباً سياسياً "حزب الحرية والعدالة" لخوض الانتخابات... إلخ. من خلال هذا كله، ومن خلال أن "الإخوان المسلمين"، هم أقوى حزب سياسي حتى الآن، ومن أن الجيش المصري يفضل رئاسة "الإخوان" للجمهورية على بقية الأحزاب الأخرى الضعيفة، ومن أن "الإخوان" قد أعطوا ضمانات غير مباشرة بأنهم سيصلون إلى الحكم كدينيين كسباً لتأييد الشارع المصري، ولكن سيحكمون كمدنيين، فإن نجاح عبدالمنعم أبو الفتوح في انتخابات الرئاسة القادمة كبير الاحتمال.

* كاتب أردني

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top