تعد قضية "قيادي الداخلية" المتعلقة بمساعد المدير العام لشؤون العمليات في وزارة الداخلية العقيد شكري النجار مناسبة جيدة للحديث عن سلوكيات أبناء المؤسسة العسكرية سواء أثناء تأدية عملهم أو خارج الخدمة.

Ad

شخصيا، لا تعنيني تفاصيل قضية العقيد النجار، ولا الحملة عليه وعلى وزير الداخلية كونه أحد أطراف حادثة اعتداء القوات الخاصة على النواب والمواطنين بديوان الحربش ديسمبر الماضي، بقدر ما يعنيني تسليط الضوء على تصرفات العسكريين التي تحولت من حوادث فردية إلى أمر يومي مألوف.

حديثي عن سلوكيات عسكريين يتجاوزون القانون خلال عملهم يشمل، على سبيل المثال لا الحصر، ضباطاً وأفراد مرور يقودون دورياتهم باستهتار بعيدا عن قواعد المرور، وأفراداً وضباط مباحث ينتزعون اعترافات المتهمين بالقوة أو يتعسفون بإصدار قرارات الحبس التحفظي، وهو ما كشفته حادثة مقتل الميموني المنظورة أمام القضاء.

أنتقل من ذلك إلى الأخبار الأمنية المنشورة يوميا، والتي لا تخلو من جرائم أطرافها عسكريون بسلكي الشرطة والجيش، ومن بينها مشاجرات خلال سهرات ماجنة، ترويج وتعاطي المخدرات والخمور، هتك العرض، انتحال الشخصية، وفي بعض الأحيان جرائم قتل.

ومثلما هناك جرائم يُتهم فيها عسكريون، فإن هناك جرائم أخطر منها تحدث بسبب تقاعس عسكريين عن أداء عملهم، ومنها عودة مبعدين إلى البلاد نتيجة عدم التحقق من جوازاتهم المزورة، وكذلك الحديث عن خروج مواطنين للبلاد وخروجهم دون ختم جوازاتهم، وانتشار الهواتف النقالة داخل السجن، ويضاف إلى الجرائم السابقة ما يمس أمن الدولة وسمعتها كالتلاعب بالقيود الأمنية وكشوف التجنيس وسوء التعامل مع الأجانب أو الاعتداء على الخدم أو الموقوفين بالمخافر، وجميعها حوادث تنشرها الصحف المحلية بشكل متكرر.

المفترض بالمؤسسة العسكرية أنها مثال للضبط والشدة، ولذا يُستغرب أن يكون من بين أبنائها متهمون بجرائم أو متجاوزون للقانون، كما يثير هذا الكم والنوع من الجرائم سؤالاً مستحقاً حول فاعلية الأجهزة الرقابية داخل المؤسسة العسكرية، وجدوى المقابلات الشخصية التي تفرز المقبولين والتقييم النفسي للمتقدمين.

لم تعد جرائم العسكريين حوادث فردية وسلوكيات شاذة بل أصبحت مألوفة وغير مستغربة، وهذا ينذر بالخطر لأن فقدان الانضباط داخل المؤسسات العسكرية لا يبشر بالخير أبدا، ويستوجب أن يعاد النظر في دور الجهات الرقابية وحدود صلاحياتها لنطمئن على مستقبل البلد.