هذه الوصفة يقدمها المايسترو العالمي الهندي الأصل زوبين مهتا، ويؤكد أن رؤساء إسرائيل لو جاءوا إلى حفلاته التي يقيمها في إسرائيل لجنحوا للسلم وتوقفوا عن دعوات التطهير العرقي.
ويدلل زوبين مهتا على هذا بأن الإسرائيليين الذين يحضرون الحفلات الموسيقية هم من الليبراليين الذين يرفضون سياسات رؤساء إسرائيل، ففي إحدى الحفلات الموسيقية التي أقامها صعد رئيس بلدية القدس المسرح وحيا ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي الذي كان بين الحضور فإذا بالحاضرين يهتفون ضده، وقبلها بسنوات حين حضر شارون الحفل هتف الجمهور ضده أيضاً، بينما حيا الجمهور بيريز بالتصفيق حين دعا إلى السلام، ثم يؤكد مهتا أن شارون لو حضر الحفلات الموسيقية لكان هذا مدعاة للإلهام وأن يجنح للسلام.لا نحتاج هذه الأيام في محضر الثورات العربية أن "نحزر" بماذا يطرب الرؤساء الساقطون عن عروشهم، فكل واحد منهم لا يطربه سوى إيقاع الرصاص ضد شعبه، ولا يعجبه من الرجال سوى الرجل الذي مثَّله ذلك الضابط السوري الذي أطلق على جسد مواطن مسجى على الرصيف بضع طلقات، فطرب لها زميله الواقف خلفه وحياه بقوله "يا وحش"، وهذه بالمناسبة مديح لا سب، فالوحش هنا بمعنى الشجاع، والشجاعة هنا أن تقتل بمسدسك مواطناً أعزل ثم تخرج في قناتك المحلية وتصفه بالإرهابي!ليس فقط رؤساؤنا الذين يعزفون عن سماع الموسيقى، فالناس على دين ملوكهم، ونحن العرب لا نفهم الموسيقى سوى ذلك النوع من الأغاني الذي يشعل الليالي بالرقص والفجور كما في ليالي الساعدي وسيف الإسلام المنتشرة في الـ"يوتيوب"، ولا نفهم الثقافة إلا على أنها حديث في شيوعية لينين وتروتسكي، والانقلابات العربية وخصومات الإسلاميين مع الليبرالية، بينما في الغرب المثقف هو الذي يفهم الموسيقى والمسرح والرواية والفن. وبمناسبة الحرب على الموسيقى فقد قررت شركة أرامكو في السعودية إقامة حفل موسيقي في معرض دعمها للأنشطة الثقافية، وأن تفتح أبواب الحفل للعامة، التي كانت سابقاً مغلقة على مجتمع الشركة، وأن الحفل سيحييه الموسيقار العربي المعروف نصير شمه لكن فريق المحتسبة الإسلامي حرّك عجلاته لإفشال الحفل، وفي غمضة عين صدر اعتذار خجول من الشركة بعدم حضور الموسيقار نصير شمه بحجة عدم تمكنه من الحصول على فيزا دخول البلاد.الناس لا يحبون الموسيقى لأنهم لم يألفوها، ولأن الأحزاب الإسلامية تصفها بـ"عمل الشيطان"، ورغم أن الشيطان لم يحضر في ثوب موسيقي، بل في ثوب نظام يقتل مواطنه، ويصفه بـ"ياوحش" ولم يصفه بـ"يا شيطان".الدول التي لا تتذوق الموسيقى بقدر ما تتذوق القتل هي نتاج مشروع الدولة العربي الذي فضحته قنوات التلفزة العربية وباعته لنا في حلقات أطول من حلقات المسلسلات التركية، وبعض الحكام العرب الذين ثارت عليهم شعوبهم كشفوا عن مواهب قيادية أقرب إلى قيادات المافيا منها إلى قيادات الحكم الرشيد. أشعر أنني يجب أن أعتذر عن هذه الحقيقة المرة، لكنني أطمئنكم بأن سماع قطعة موسيقية كلاسيكية ستمسح هذا الكلام وستلهمكم الأمل بأن التغيير قادم لا محالة ولو على وقع الرصاص.
أخر كلام
لو أن الرؤساء يسمعون الموسيقى
17-09-2011