ملك المغرب... زعيم عربي يستقل قطار الديمقراطية!
ردّ حاكم المغرب، الملك محمد السادس، على مطالب الديمقراطية بفرض إصلاحات سياسية بدل استعمال الغاز المسيّل للدموع والرصاص، وفي خطاب دام نصف ساعة، عشية يوم الجمعة قبل الماضي، قدّم الملك عرضاً لتقاسم السلطة وتعزيز حقوق الأفراد، وسيصوّت المغاربة على التغييرات الدستورية في الأول من يوليو.إن هناك صراعاً مستعراً منذ أشهر في ما يتعلق بإعادة هيكلة الديون السيادية بين أولئك الذين يصرون على أنه يجب على اليونان الاستمرار في الوفاء بالتزاماتها وأولئك الذين يعتقدون أن جزءاً من ديون اليونان يجب أن يُلغى، وكما هو مألوف في أوروبا، فإن هذا التراشق الإعلامي للتصريحات الرسمية وغير الرسمية المتعارضة قد أدى إلى اضطراب الأسواق. ولاشك أن هناك الكثير من الارتباك والخلط بحيث نحتاج إلى الوضوح.
السؤال الأول، هو هل اليونان مازالت قادرة على السداد؟ من الصعب تقييم ذلك مقارنة بقدرة شركة ما على السداد، وذلك نظراً إلى أن الدولة السيادية لديها القدرة على السداد أي نظرياً كل ما تحتاج إليه من أجل التخلص من الديون عبر زيادة الضرائب وخفض الإنفاق.لكن القدرة على فرض الضريبة ليست بلا حدود. إن الحكومة المصممة على سداد ديونها بأي ثمن عادة ما ينتهي بها المطاف بأن تفرض عبئاً ضريبياً لا يتناسب مع مستوى الخدمات التي تقدمها، بحيث يصبح من الصعب في نقطة ما استدامة هذا الفرق اجتماعياً وسياسياً.حتى لو نجحت الحكومة اليونانية في جعل نسبة الدين (التي ستصبح قريباً 150 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) مستقرة، فإن النسبة ماتزال مرتفعة جداً بحيث يصعب على الدائنين الاستمرار في الإقراض. يتعين على اليونان تخفيض نسبة الدين لديها بشكل كبير قبل أن تستطيع العودة إلى أسواق رأس المال، وهذا يتطلب- حتى طبقاً لسيناريو متفائل– خلق فائض أولي يزيد على ثماني نقاط مئوية من الناتج المحلي الإجمالي. لم تستطع أي حكومة من حكومات الدول المتقدمة (باستثناء النرويج الغنية بالنفط) أن تحقق فائض ميزانية أولياً مستداماً (الإيرادات ناقص المصروفات التشغيلية ) يتجاوز 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.إن هذا كثير بالنسبة لبلد ديمقراطي وبخاصة بلد لا يتوزع فيه العبء الضريبي بشكل عادل بالمرة، كما أن واقع الأمر يؤكد أن اليونان معسرة.السؤال الثاني، يتعلق بمدى خطورة مشكلة عدم سداد بلد ما لديونه. في هذا الخصوص، هناك معسكران أحدهما يقول إنه لعقود مضت لم يتجرأ أي بلد متقدم على عمل ذلك، لهذا السبب ما تزال تلك البلدان تتمتع بسمعة إيجابية. لو بدأ بلد واحد في منطقة اليورو بالسير على درب التقصير في السداد، فإن جميع الدول المتبقية ستصبح موضع شك، وعلى أي حال وطبقاً لهذه النظرة، فإنه يجب ببساطة احترام العقود مهما كان الثمن.أما على الجانب الآخر فهناك من يدعون إلى معاقبة الدائنين الذين تسببوا في هذا الدين الزائد على الحد بسبب طيشهم وتهورهم. يجب أن يتكبد الدائنون الخسائر، وذلك حتى يقوموا بتسعير المخاطرة السيادية بشكل أكثر دقة في المستقبل، وجعل الحكومات المتهورة تدفع أسعار فائدة أعلى. إن كلتا الحجتين هما حجتان صحيحتان، ولكنّ البلدان التي قامت بهيكلة ديونها لم تصبح واقعياً في وضع أسوأ نتيجة لذلك، وعلى العكس تماماً فلم يتم استبعاد تلك البلدان من أسواق السندات واستطاعت تلك البلدان استعادة قدراتها بسرعة: إن المستثمرين مثل شخص يرتكب خطيئة ويستعيد قدرته على السداد، وهذا أفضل من أولئك الذين يتمسكون بأن يبقوا أنموذجاً للفضيلة وهم على وشك الاختناق. لقد فاوضت بولندا قبل 20 عاما على تخفيض ديونها، وأصبحت في وضع أفضل من المجر التي كانت حريصة على حماية سمعتها. إن تخفيض الدين ليس مميتاً.السؤال الثالث، هو ما إذا كان تقصير اليونان عن السداد هو بمنزلة كارثة مالية- ومتى يجب أن تحصل؟ إن هناك قناتين تعملان هنا إحداهما داخلية والأخرى خارجية. أولاً، إن السندات الحكومية هي من الأصول المرجعية للبنوك وشركات التأمين نظراً إلى سهولة الاتجار بها وتسييلها، ومن الواضح أن أي شك في ما يتعلق بقيمة تلك السندات قد يؤدي إلى اضطرابات وستتعرض قدرة النظام المصرفي اليوناني على السداد والحصول على إعادة التمويل لضربة قوية.أما خارجياً، فستتأثر بنوك أوروبية بدورها، لكن الأهم هو أن بلاداً أخرى تعاني الديون- ايرلندا والبرتغال وإسبانيا على أقل تقدير- ستكون معرضة للعدوى المالية.إذن هذا موقف صعب جداً لكنه لا يفسر موقف البنك المركزي الأوروبي الذي لديه من الأسباب ما يدعوه إلى الشعور بالقلق، لكن بدلاً من محاولة أن يجد طريقة للتخفيف من التأثير المحتمل لمثل هذه الصدمة، فإنه يرفض أي شكل من أشكال إعادة الهيكلة. إن المركزي الأوروبي في واقع الأمر يثير شبح سلسلة ردود الأفعال، وذلك عن طريق استحضار انهيار بنك "ليمان براذرز" في سبتمبر 2008، والتهديد بمعاقبة أي إعادة هيكلة عن طريق وقف حرية وصول البنوك للسيولة.لكن لو أصحبت اليونان معسرة، فإن على الاتحاد الأوروبي تحمل ديونها أو أن تبقى المخاطرة معلقة على رقبته مثل "سيف ديموكليس". إن رفض منطقة اليورو لإعادة هيكلة مخطط لها ومنظمة يعني أن منطقة اليورو تعرض نفسها لخطر تقصير عن السداد يكون فوضوياً وغير مرتب.إن أوروبا ليست مجبرة على الاختيار بين الكارثة ومشاركة الدين. إن أفضل طريق- مع اعترافنا بأنه طريق ضيق- هو أن نعزز في البداية البرنامج التمويلي لليونان والتي لا تستطيع تمويل نفسها في السوق، وأن نتحقق في الوقت نفسه، من خلال الضغط الأخلاقي، من أن الدائنين الخاصين لن يقوموا بالانسحاب بهذه السهولة.إن هذا هو أساس المحاولات الجارية حالياً، لكن يجب استغلال فترة التقاط الأنفاس هذه لما هو أبعد من شراء الوقت فقط، حيث يتعين استثمارها أولاً، من أجل السماح للبلدان الأخرى التي تعاني المصاعب أن تسترد مصداقيتها المالية أو تقويتها. وثانياً، لتمهيد الطريق لإعادة هيكلة منظمة للدين اليوناني، وهو أمر يتطلب الإعداد له... إن كسب الوقت هو شيء منطقي فقط في حالة أن ذلك يساعد في حل المشكلة بدلاً من إطالة عمر المعاناة.* مدير «معهد بروجيل»، المتخصص في بحوث ودراسات الاقتصادات الدولية، وهو أيضاً أستاذ للاقتصاد في جامعة باريس- دوفين وعضو في مجلس رئيس الوزراء الفرنسي للتحليل الاقتصادي.«بروجيكت سنديكيت» بالاتفاق مع «الجريدة»